رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

يعتقد كثيرون أن الموقف الأخلاقى هو موقف إنساني، فيما يتصور آخرون أنه ليس شرطًا ضروريًا.. فكم من المواقف الإنسانية تجاوزت عتبة أخلاق «المدينة الفاضلة».

وما بين «الأخلاقي» و«الإنساني» تستمر المحنة، خصوصًا عندما تُغْرِقُنَا الحياة بهوامشها وتفاصيلها، لتقودنا إلى الشعور بالسُّوءِ تجاه أشخاص بعينهم، فتمتلئ نفوسنا بالرغبة في الانتصار عليهم، آملين رؤيتهم يتألمون ويسقطون، لنشفى غليلنا!

تلك «الإشكالية» يمكن رصدها عبر «السوشيال ميديا»، منذ تفشي جائحة كورونا، وما قبلها بسنوات، حيث «التعاطف الإنساني» مع الموتى، والأمنيات للمرضى بالشفاء.. لكن بعض التعليقات قد لا تمتُّ إلى الإحسان بصلة، بل تنحدر إلى قاعِ الشَّماتة، على اعتبار أن معاناة الآخرين قِصَاص يستحقونه لإجرام منسوبٍ إليهم!!

عندما نسمع بكارثة طبيعية أو مصيبة حلَّت هنا أو هناك، أو بخبر وفاة شخص ما.. حاكمًا أم مسئولًا، سياسيًا كان أم كاتبًا أو فنانًا أو حتى إعلاميًا، قد نلحظُ بوضوحٍ «إشكالية أخلاقية» يقع فيها الكثيرون، أمام هذا الخبر الإنساني!

أصداء هذا الخبر قد تتحول إلى جدال عقيم، لنرى تعليقات مَن يرغبون بالتعاطف، أو بالرثاء، ليس أدناها «له ما له.. وعليه ما عليه»، بينما نجد آخرين لديهم شقٌ أخلاقي يمنعهم من ذلك، بل إنزاله منزلة الذي يستحق.. لكن الأغرب أن كليهما يُصدر الأحكام، ويتوقع مصيره المحتوم!

معارك ضارية وقدحٌ وذمٌ وتلاسنٌ عبر منصَّات التواصل الاجتماعي، تعقبُ تعاطفًا أو شماتةً، لتُغرى البعض بنشوة الانتصار والفرح.. لكنه في الحالتين شعور «متطرف»، يترك الكثير من سواده في طيَّات النفس، ويُخَلِّفُ أثرًا سلبيًّا ينتقص من مساحة الإنسانية ونقائها.

وبما أن الشَّمَاتةُ تعني السماح للكُرْهِ أن يستوطن مشاعرنا، وللحقد بأن يُلوِّن قلوبنا، وللغضب بأن يتملكنا ويحاصرنا، فإن الأخلاق الدينية والإنسانية، في أقل درجاتها تدعو لضبط المشاعر، وعدم إبداء الفرح لسوءٍ أَلَمَّ بالآخرين.

لا شك أن شعور الشَّماتة الذي يُبديه البعض تجاه غيرهم، يجعلهم غافلين بأنهم معرضون في حياتهم للمصائب والابتلاءات، ولذلك «لا تظهر الشَّماتةَ بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك»، و«لا تفرح بسقوط ِغيرك، فإنك لا تدري ما تُضمر لكَ الأيام».

للأسف، هناك من يعتقد بـ«دوام الحال»، فيشمت بهذا ويفرح بسقوط ذلك، ناسيًا أو متناسيًا أن «دوامَ الحالِ من المُحال»، خصوصًا أن الدنيا متقلبة دائمًا، ولذلك فإن «من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يُفْتَتَن».

أخيرًا.. يقول الفيلسوف والروائي الروسي دوستويفسكي «1821- 1881» في رواية «مذكرات قَبْو» واصفًا العوالم الداخلية للإنسان: «إن مأساة الإنسان المُهان والحقود هي رغبته ووعيه في مستقبلٍ أفضل، وفي الوقت ذاته، إدراكه استحالة تحقيق ذلك.. حتى ذلك الحب الذي كان من المُمكن أن يُغيِّر فيه شيئًا، ويفتح له طريقًا نحو حياة سعيدة، ظل بطلنا يرفضه، مُفضِّلاً الانزواء في قَبْوِهِ، مسجونًا في كبريائه الجريح، وعِزَّة نفسه المُهانة، ونزعتهِ الشريرة، وسخطه ومرارته»!

 

فصل الخطاب:

يموتُ كُثُرٌ وهم على قيد الحياة.. في جُعبة الموت لا توجد كلمة انتهاء، لأن الموت لا يسلب حياةً، ولا يفزع أرواحًا، لكنه فقط قادر على كشف معادن الناس.

[email protected]