عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

«فمن لم ينشغل بالحق انشغل بالباطل».. أعجبتنى هذه العبارة الختامية لبيان النيابة العامة فى قضية الشاب المتهم بالتحرش بعدد من الفتيات، وهتكه عرضهن بالقوة والتهديد.. فهذه العبارة هى مفتاح البوابة المغلقة على أسوأ مساوئنا!

وفى الفترة الأخيرة شهدت، كذلك، قاعات المحاكم، وغرف النيابات، جلسات تحقيق مع فتيات شهيرات على تطبيق «التيك توك» وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى، واتهامهن بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية فى المجتمع المصرى والاتجار بالبشر؛ باستغلال فتيات صغيرات فى أعمال منافية للآداب؛ للحصول من ورائهن على منافع مادية؛ وذلك استغلالًا لحالة الضعف الاقتصادى وحاجة المجنى عليهنَّ للمال!

ورغم أن قضية هذا الشاب المتحرش تهمنى أكثر، صراحة، من فتيات التيك توك، لأنها ظاهرة جديدة، واستشعر أن بعض قضاياهن سببها الفراغ وحب الشهرة إلا أن جهات التحقيق فى النهاية هى الفيصل فى ذلك، ولكن التحرش ظاهرة مهينة للمرأة المصرية، وهى للأسف قديمة وانتشرت مؤخرًا بين كل الأعمار والطبقات والفئات وتتعرض من خلالها الفتيات لأسوأ أنواع التحرش والإهانة المقصودة.. وفى إحدى المرات صادفت شخصيا موقفًا أدهشني.. حيث رأيت عدداً من التلاميذ، ربما فى المرحلة السادسة الابتدائى أو أولى إعدادى على الأكثر، يعنى أطفال.. أثناء خروجهم من مدرسة لغات وواضح من ملابسهم والشنط المدرسية أنهم من أسر ميسورة وقد اعترضوا فتيات فى مثل أعمارهم تقريبا، بطريقة مبتذلة وفيها قهر وإذلال.. وقد استفزنى الموقف خصوصا عندما وجدت الفتيات خائفات جدا وواحدة بدأت تبكى وبدا على وجهها الرعب فتدخلت بالطبع ووقفت بينهم لتطمئن البنات، ولردع الأولاد، الذين تصورت أنهم سيخافون ولكن فوجئت بوقوفهم أمامى بوقاحة ولسان حالهم يقول: وأنت مالك!

فالتحرش لم يعد مقتصرًا على الكبار ولا على الذين يعيشون فى العشوائيات أو المناطق الشعبية، كما كان يحلو للبعض توجيه الاتهام لهم وخصوصا فى الأعياد.. ولكن على الأطفال والشباب الذين من طبقات مختلفة وأكثرهم أولاد الناس كما يقولون.. لأنهم يشعرون أنهم أغنى وأقوى وكل شيء مباح لهم فى المجتمع بما فى ذلك المرأة، حيث يمارسون التحرش بقهر وإذلال للبنات والاستلذاذ برعبهن وبكائهن.. وقد تعدت الظاهرة من مجرد معاكسة لطيفة يمكن أن تشبع أحاسيس لدى الأولاد والبنات كذلك، ولكنها تحولت إلى ممارسة ذكورية استبدادية، وإصرار على اضطهاد المرأة على التعامل معها باعتبارها جنساً أقل وأن لهم الحق فى التحرش بها فى أى وقت وأى مكان وفى أى سن!

لذلك.. أعتقد أنها مشكلة مجتمع وليست مشكلة أفراد.. مشكلة مجتمع «لم ينشغل بالحق فانشغل بالباطل».. مجتمع ما زال يرى المرأة ناقصة عقل ودين، وما زال يتعامل مع المرأة باعتبارها آلة للجنس، ولا يزال يرى المرأة فريسة لكل ذكر.. ولا يزال يرى كل الفتيات شبه بعض لا فروق بينهن وجميعهن مستباحات سواء فى الشارع أو المدرسة أو الجامعة أو العمل.. وبالطبع فى البيت!

ولا أعرف حقيقية ماذا يفعل المجلس القومى للمرأة فى هذا «الباطل»؟.. ولا أعتقد أن لديه قضية أهم من هذه القضية لينشغل بها.. وكان يجب مثلاً أن يكون هو المنسق بين المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية لتأصيل ظاهرة التحرش بشكل علمى، وبين وزارتى التعليم والثقافة، والعمل بجدية على استرداد «حق» المرأة كإنسانة.. وعدم الاكتفاء والاستكانة لما تقوم به النيابة العامة لحمايتها من المتحرشين ومن نفسها فى بعض الأوقات.. وربما بهذا الأداء من مجلس المرأة كذلك!

[email protected]