رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

مع دخول الثلث الأخير من «رمضان»، لم نشعر حتى الآن بروحانيات «الشهر الفضيل»، الذي جاء هذا العام وسط ظروف بالغة التعقيد، فرضها تفشي وباء كورونا.

«شهر الله» هذه السنة، غيَّر الأولويات، بعد أن اختفت صلوات الجماعة، وتجمعات الإفطار والسحور، وولائم الإفطار الجماعي، وموائد الرحمن... ليصبح «رمضان أونلاين» في زمن كورونا، من خلال التطبيقات التكنولوجية المختلفة التي باتت ملاذًا ملائمًا للصائمين مع الحظر.

وسواء أكان «رمضان» في زمن كورونا، أم في غيره، إلا أن الحال لم يتبدل في تكرار ظواهر سلبية وتفشِّيها كل عام، خصوصًا مع «سخافة» البرامج، و«تفاهة» الدراما، و«استفزاز» الإعلانات، و«تكريس» ظاهرة التسول!

مع بداية الشهر الفضيل، تلاشت المفاجآت، ولم يعد للدهشة مكان عند الصائم، الذي اكتفى فقط بمعاناة وجوده في «الحجر المنزلي»، مع هذا الكم الهائل من «السخافات الهابطة» المعروضة على الفضائيات، والتي غالبًا قد «تُفسد الصيام»!

من إعلانات «التسول» والتبرع بالصدقات والزكوات، مرورًا بإعلانات «الكمبوندز والمصايف والشاليهات»، التي تتضمن محتوى صادمًا للمتلقي «البائس»، وكأننا على موعد سنوى فى شهر رمضان لزيادة جرعة «التسول»، وتكريس «الطبقية» بين الناس!

نتصور أن «المسلسلات الإعلانية» الصادمة للمشاعر الإنسانية بتكرار إعادتها على الجمهور، سواء أكانت للجوعى والمرضى والمحتاجين، أو أولئك المصابين بالتخمة من الثراء الفاحش، وكلاهما استفزاز واضح لمشاعر الناس الغلابة والبسطاء الكادحين المطحونين!

خلال «رمضان» لا يستطيع الصائم إلا أن يلتزم بأقصى درجات ضبط النفس، أمام تلك الشواهد المؤسفة، حتى لا يفسد صيامه بمرارة تزايد الفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، واختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع، التي كانت «سابقًا» شريحة كبرى تتجاوز 70% من الناس!

لكن واقع هذا الشهر الفضيل المصاحب لكورونا ـ بكل أسف ـ جسَّد وجود طبقية فاجرة وقبيحة، كرَّست وجود أقلية، تملك كل شيء، وغالبية محرومة، لا تملك أي شيء، ما يجعل الاعتراف أو الحديث عن عدالة اجتماعية ترفًا لا وجود له، إلا في مخيلة المغيَّبِين أو أولئك الذين «ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم»!

وفي ظل ما نعيشه على أرض الواقع، يظل الحديث عن أهمية تحقيق أهداف الشهر الفضيل، في تجسيد المساواة والتكافل، مجرد شعارات جوفاء، لا تصمد أمام سخافة المعروض على الفضائيات من برامج وإعلانات صادمة، سواء من خلال سَفَه تكلفتها، أو أجور المشاهير التي تتخطى عشرات الملايين!

إذن، كيف يُعقل أن تستجدي تلك الإعلانات، البسطاء من الناس، وتلاحقهم على مدار اليوم لحثهم على التبرع ولو بجنيه، وفي الوقت نفسه يشاهدون ويتابعون استفزازًا مبالغًا فيه لتفاصيل صغيرة من حياة الأثرياء «رجال الأعمال والفنانين والرياضيين»، الذين يشبهون بعضهم كثيرًا!

المؤسف في ما نراه ونتابعه، تلك المقاربة غير العادلة، وهذا الفرق الشاسع بين النموذجين، حتى يكاد الإنسان لا يصدق أنهما صورتان لبلد واحد مثقل بالديون، يعاني من فقر وتضخم وبطالة، ما يستتبع بالضرورة مشاعر الاستياء والنقمة والحقد والكراهية.

أخيرًا.. ربما كان شهر رمضان كاشفًا للناس، عن مدى التفاوت الطبقي واتساع الفجوة بين «ناس» أغنياء، و«ناس» فقراء، لكننا نتصور أن «الناس إللي شبه بعض» بالضرورة «تسكن مع الناس إللي زيها»، رغم أنف الناس «بتوع السوشيال ميديا»!

[email protected]