رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

الكفر بالمبادئ هو من أخطر الأمراض المجتمعية على الإطلاق بل قل آفة المجتمعات قاطبة والتى تتسلّل بين أفراد المجتمع بسرعة كبيرة لتحقق فى النهاية نتائج كارثية وخيمة.

 فالمبادئ والتى كانت كالسراج المنير الذى يميز أفعال الكثير أصبحت الآن وهمًا وسرابًا، فبعد أن كانت راسخة بالعقل، مطمئنًا بها القلب، يُنعت صاحبها بأحسن الصفات وأكملها، أصبحت الآن لدى الكثير همًا لا يُطيق حمله أو حِملًا ثقيلًا ينبغى التخلص منه، لأنها كما يدّعون أصبحت لا تتماشى مع طبيعة المجتمع أو للأسف تعرقل سير الأمور، فيبدأون بالكفر بالثابت، وهَدم البناء القيمى والذى من المفترض أن يكون صَامدًا ضد  التقلبات والأزمات وذلك بعد صراعات وتحديات وتعقيدات طوال.

وسأعرض لكم الأسباب والتى ساعدت على تعميم هذا المنهج الفاسد بين أفراد المجتمع الواحد والتى تتلخص مجملها فى نقطتين: أولاهما هي وجود خلل فى منظومة الجزاء والعقاب فى المجتمع مما يُحدث اختلالًا فى ميزان العدالة ناتجًا عن عدم عقاب المخطئ أو الفاسد، وثانيتهما هي قصر العقاب على نفر من البشر دون الآخرين، فمن لا يمتلك السلطة أو المال يعاقب أشد العقاب أما الأغنياء وأصحاب السلطة فهم آمنون من العقاب.

والأمثلة كثيرة وحدِّث بلا حرج، فحينما ترى رجل الدين يفتى بغلو وتشدد وبلا علم ولا يحاسب، من ينشر الفُجر بين الناس ولا يُحاسب، حينما ترى الغشاش ينجح ويرقى، وصاحب المال الحرام فى مكانٍ أعلى، ومُجرمًا لم يُحاسب على فعلته بل وفى الأرض استَعلَى، وكاذبًا يكذب بلا خجلٍ حتى، وخائنًا يخون بلا مبررٍ أو معنى، ومن يرمى الناس فى ذممهم وأخلاقهم ولم يتروَّ، ومظلومًا لم يجد من يُنصفه، فقرّرَ ألاّ يُنصِفَ أحداً، ومصدومًا شَهد أُناسٌ الزُور فى حقه، فاستحلّ شهادة الزُور كيداً بكيد والبادئ أظلم، ورحيمًا مع الناس يساعد الصغير قبل الكبير ووقت ضعفه وحاجته للغير لم يلق أحداً، ووَفِيًا مخلصًا يكرهُ الغدر، ولكن فوجئ بالطعن من أقرب الناس، وآخر يحترم الجميع ويتواضع لخلق الله ولم يجد جزاءً لعمله أوفى، والأمثلة مازالت كثيرة، ولن تكفيها السطور والكلمات إن أردتَ انظر حولك، وسترى الشر يأتيك من أغلب الجهات.  

هؤلاء قد آمنوا بالمبادئ وصدّقوا فيها، وكانت منهجاً يُميز سلوكهم، ونوراً يُضئ قلوبهم، وهدى ترشد عقولهم، ثم حَدَثَ أن فُتنوا بالأشرار، وَلِحق بهم الألم والأضرار، وصُدموا فى مجتمعٍ قبيح، أصبحت فيه الفضيلة تختبئ فى كهفٍ مهجور، وَهَنَت من محاربة الفُجور، فلم تعد تقوى أن تثور، بعد أن استفحل الشر بقوة وغرور.

والنتيجة للأسف قد تكون كارثية فانتشار الظلم فى المجتمعات واستفحاله وعدم عقاب المخطئ قد يُولِد لنا خطرين، أولهما انتشار شريعة الغاب واستفحال الفوضى بين الأفراد وأن يقوم كل فرد باستخدام طريقته الخاصة للحصول على حقه وانتزاعه ممّن ظلمه وفرض قوته عليه فرضا.

وثانيهما هو شيوع الصفات السلبية وتبريرها وكأنها شيء عادي فعله الجميع من قبل.

فالتحول الفاضح فى المبادئ بدا وكأنه سرطان ينهش فى عقول البشر ونفوسهم إلا القليل منهم، فالثابت على مبدئه وسط هذا الكم الهائل من التحولات والصراعات والتناقضات فأنا أعتبره ليس قويا وحسب، بل والأمل الوحيد لإعادة الاعتبار للمبادئ والإعلاء من شأنها من جديد.

 

[email protected]