رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

 

لا شك أن هذا الموضوع من الموضوعات الشائكة التى يحذر خاصة دينيا من الاقتراب منها لا سيما أن هناك قصورًا فى فهم بعض ما ترمز له الآيات والمرجعيات الدينية بعد أن لفت نظرى أن أغلب الممثلين الدينيين للمرجعيات الدينية الكبرى فى مصر بل فى العالم الإسلامى لا تتعامل إلا مع النص بصراحته لا ببساطته وليونته، قضية السكان نعمة وقد تكون نقمة أيضا وهو ما لا يتقبله البعض فالقضية السكانية يجب أن يتم التعامل معها من خلال ثلاثة أبعاد معا البعد الأول الزيادة السكانية والبعد الثانى الخصائص السكانية والبعد الثالث التنمية الاقتصادية.

وهناك نماذج عالمية تعاملت بزوايا مختلفة فمثلا التجربة الصينية تعاملت من خلال البعد الأول وهو تخفيض نسبة النمو السكانى بالإجراءات الحازمة والرادعة للأسر التى ترغب فى الإنجاب بحد أقصى طفل واحد أما التجربة الهندية فاعتمدت على البعد الثانى وهو تحسين الخصائص السكانية للمجتمع خاصة فئة الشباب فتم إدماجهم فى فقاعات الثورة الصناعية الرابعة بالاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعى خاصة فى مجال الخدمات الإلكترونية والبرمجيات وعلم الرياضة الحديثة أما تجربة اليابان فاعتمدت على البعد الثالث وهو تحقيق معدلات تنموية عالية جدا أكثر من ثلاثة أمثال معدل النمو السكانى مما ساهم فى تحسين الخصائص السكانية وتعميق فكرة المواطنة والانتماء المؤسسى ومن ثم احتواء الزيادة السكانية بكافة أزماتها المتتابعة .

تجربة مصر المزمع اتباعها تصطدم بالبعد الدينى الذى يستند على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «تناسلوا تكاثروا فإنى مباهٍ الأمم بكم يوم القيامة». هنا المباهاة لا تكون ببشر ضعفاء نفسيا وفكريا وتعليميا بل وصحيا وإنما بالاصحاء الذين لا يرهقون أسرهم هنا لابد أن نستشف بعض معانى الآيات القرآنية التى تتسق مع هذا المعنى فالبداية بلحظة تكوين الأسرة بإطار عنوانه المودة ثم الرحمة والرحمة هنا عدم الإرهاق أو الكفر بالعشير وهو ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأتى لحظة انشطار الأسرة وظهور الأبناء هنا القرآن الكريم لا ينظر إلى الأولاد كعدد ولكن كعدة على الحياة لدخول جنة الرضوان حيث قتل سيدنا الخضر غلامًا بعد أن أنبأه الله أنه قد يرهق أبويه طغيانا وكفرا  والطغيان والكفر لا يتسقان مع الرحمة التى فرضها الله عز وجل بين الأبوين فى بداية تعارفهما حتى نهاية أجلهما حيث أخبر الخضر سيدنا موسى بأن الله سيبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما إذن البداية رحمة والنهاية رحمة وليست شقاء أو عذابًا أو طغيانًا يتبعه كفر وهذا يتسق مع قول سيدنا على بن أبى طالب لو كان الفقر رجلا لقتله حقيقة لم أعِ هذه المقولة إلا متأخرا فليس المقصود محاربة الفقر ولكن إدارة أزمة ما بعد الفقر.

أعرف أن كلامى هذا قد يثير حفيظة البعض ولكن العلم يؤكد أيضا أن تحقيق معدل نمو اقتصادى أكبر ثلاث مرات معدل النمو السكانى يساهم بدرجة كبيرة فى تقليل معدل الفقر لكن السياسات الوطنية للإصلاح الاقتصادى لا يمكن أن تنجح بعيدا عن الإطار والمضمون العالمى الذى يهدف إلى رخاء المجتمعات والمحافظة على نماء والارتقاء بالخصائص السكانية للمجتمع لنكون مصدرًا حقيقيًا للتباهى كما أخبرنا الرسول الكريم عليه السلام. لأن جوهر المجتمع الجيد يتلخص فى حق الحياة الكريمة لكل عضو فيه بصرف النظر عن أصله ويبقى شرط أن تتاح الفرص الاقتصادية للجميع ففى الإعداد للحياة يجب أن يحظى النشء بالعناية الصحية والتعليمية مما سيسمح لهم باقتناص واستغلال الفرص حتى يتحول إرهاق المجتمع واستنزافه إلى رحمة تتجلى فى معانى الولاء والوطنية والانتماء المؤسسى.

----

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام