رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

المجتمع الذي ينشغل بارتداء أو خلع فنانة للحجاب هو بالتأكيد مجتمع مريض بعبودية مزمنة تجعله باستمرار يخاف ويرتعب من مفهوم الحرية الشخصية في الدين والحياه.. الله منحنا صك الاختيار بين كثير من المتناقضات ولم يعط أحدا من العوام أو الرسل والأنبياء الحق في إجبار الناس على الاعتقاد بشيء أو الالتزام بأمر من الأمور  «لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ» والخطاب موجه لرسولنا الكريم محمد بن عبد الله يقول الله له صراحة ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام ولكن الله هو من يهدى من يشاء.. وقال تعالى فيما يعزز من حرية الانسان في اعتناق ما يشاء من أديان أو أفكار «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»، وقال: «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ»، وقال: «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ». . كثيرة إذن هي الآيات التي تمجد من قيمة الحرية  في كل الكتب السماوية على اعتبار أنه لا معنى للحساب يوم العرض إذا كان الانسان ليس مسئولا عن اختياراته في الدنيا.. انتفاضة الناس بوجه فنانة بسيطة -هي أولا وأخيرا إنسانة - لها مالنا جميعا من حقوق تشير الى أن ثقافة القهر والعبودية هي المتجذرة داخل الشخصية المصرية على مر التاريخ.. هذه الثقافة أصلها وعمقها وثبتها في العقول وتحت الجلد على مدى أكثر من خمسة آلاف سنة السلطتان السياسية والدينية.. تاريخ الدولة المصرية سلسلة متصلة من تحالف السلطان والامام، وهما من ساسا الناس بدرع الأمير أو سيف الامام.. وتستمر عجلة القهر في الدوران أزمنة وراء أزمنة – هؤلاء يحكمون وهؤلاء يفسرون ويفتون لرضا سلطان الأرض وليس رب السماء – كل هذا والناس تنتقل من عصر الى عصر انتقال العبد من سيد الى سيد.. المثير في الأمر أن هذا المجتمع الذي يزلزله تخلى امرأة عن حجابها  باسم العفة هو نفسه الذي يفترس المرأة ويهينها ويهضم حقوقها..  مجتمع  لديه من هموم الفقر والتخلف وانعدام العدل ما كان يجعله في غنى عن هذا العبث والغرق في أباطيل وخرافات مازالت تعصف به وتتحكم بوعيه.. ومن المفارقات أنه في نفس الأسبوع الذي انشغل فيه الناس بفنانة خلعت حجابها ما بين مكفر لها ومتعاطف معها نجد ولى العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان في حوار له مع شبكة « سي بي اس » الأمريكية أذيع الأحد الماضي يقول (لا يتعين على نساء المملكة  ارتداء غطاء الرأس أو العباءة السوداء ما دامت ملابسهن محتشمة ومحترمة) ويضيف (القرار يرجع للمرأة في تحديد نوع الملابس المحتشمة والمحترمة التي تريد ارتداءها ).. هذا نص ما جاء على لسان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي. السؤال للمتوهبين المصريين– ما رأيكم ومرجعيتكم تتغير هناك وتجدد أفكارها ورؤيتها للحياة والدين والناس ؟ ما رأيكم وهل ستبقون ملكيين أكثر من الملك ؟ ما رأيكم وهل أنتم يا سدنة الفتوى في مصر، ويا من وراءكم أكثر من ألف عام من تاريخ الأزهر بما في هذا التاريخ من استنارة ورؤى حضارية رائعة – هل أنتم بحاجة لفتوى الأمير لكى تصدقوا أن الحرية الشخصية في التدين والحياة هي شأن الانسان وليست شأن الإمام أو الأمير ؟.. أليس فكر الشيخ شلتوت يجب أن يكون أعظم أثرا في حياتنا من فكر السلف الذي يعود لأكثر من ألف عام؟ ألا يستحى من يعتلون منابر الدعوة من قتل الناس بالخرافة بدلا من إحيائهم بالعلم وقضايا حياتهم في العمل والانتاج والتطور والتعليم والصحة والعدل والقانون ؟.. أليس من الحمق أن تزلزلنا وتصيبنا بالذعر قطعة قماش « ذرية » غطت أو كشفت رأس امرأة ؟.. هل تخلى فنانة عن حجابها قضية أكثر خطورة من فقر المياه الذي يتهددنا ويهدد مستقبلنا ؟..نحن ببساطة شديدة ومؤلمة مجتمع يهدى الفرح والانتصار لأعدائه كل يوم وكل لحظة..إرهاب المنابر يا سادة أخطر من إرهاب الحدود.