عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يوم الأحد الماضى شاهدت بالصدفة مباراة فريقى ليفربول وتوتنهام فى الدورى الإنجليزى، من أول دقيقة حتى آخرها، رغم عدم اهتمامى، عموماً، بكرة القدم منذ سنوات، فلست واحداً من المتابعين للمباريات وخصوصاً المحلية، حتى ولو كان المنتخب الوطنى يلعب مباراة مصيرية كما يصفها، بمبالغة شديدة، المعلقون، وعادة لا أحرص على مشاهدتها وأرى أن فائدتها الوحيدة فى خلو الشوارع من هذا الزحام الذى يملأها ليل نهار بلا معنى.. ولأنه من السذاجة قياس مدى وطنيتى أو عدم وطنيتى فى مشاهدة مباريات هزيلة، وأداء هزيل من لاعبين وفريق كان خلال كأس العالم، وكأس افريقيا الأخيرين من أسوأ فرق العالم.. إن لم يكن الأسوأ على الإطلاق!

ومباراة ليفربول وتوتنهام ليست مجرد مباراة فى كرة القدم.. فقد كانت حالة مسرحية أو عرضاً لأوبرا بديعة أو أوركسترا يعزف أرقى السيمفونيات.. أداء راق من المدربين واللاعبين والجمهور.. صورة متكاملة تعكس تقدما حضاريا وسياسيا واقتصاديا وانسانيا.. لم نر من اللاعبين أو المدربين سلوكاً عنيفاً وكأنهم عصابة فى خناقة.. كلها فى حدود اللعب والملعب وبإدراك من اللاعبين بعدم إيذاء بعضهم البعض بقدر الإمكان، لأنهم يعرفون مدى خطورة ذلك عليهم كمحترفين.. ولم نسمع هتافات جماعية من الجمهور بأقذر الالفاظ والعبارات، كما يحدث فى ملاعبنا، فتضطر القنوات الفضائية الى خفض الصوت حتى لا تتسرب الشتائم الى البيوت.. هم لديهم فى الملاعب حالة فنية ومسرحية ولدينا فى الملاعب حالة من التحرش الجماعى.. وملاعبهم صالات لعرض الإبداع والجمال يجلس فيها الجمهور منسجما مع الحالة ولا يفصله عن الملعب سوى حاجز الإعلانات بينما ملاعبنا عبارة عن خنادق وحواجز وأسوار اسمنتية واسياخ حديدية تفصل ما بين الجمهور والملعب واللاعبين وكأننا فى معركة حربية أو حديقة حيوانات!

وكذلك الدورى الإنجليزى ليس مجرد مسابقة للفوز بالدرع أو الكأس.. بل صناعة متكاملة تضم ٢٠ فريقاً لأندية خاصة، وليست مقاه وكافيهات كما عندنا، ولكنها مؤسسات يعمل فيها مئات الأشخاص من كل التخصصات، وجمهور ينتمى لها، ومستثمرون وملاعب، ولاعبون، ومدربون، وصحافة، وإعلام.. وكلها تساعد فى خلق مناخ اقتصادى وتجارى يؤثر مباشرة فى حياة كل فرد يعيش فى مدينة إنجليزية يوجد فيها ناد لكرة القدم.. وعندما بحثت عن ميزانيات وأرباح هذه النوادى وجدت، كنموذج، نادى ليفربول وحده حقق العام الماضى ربع مليار جنيه إسترلينى أرباحاً.. فعلا هى رياضة وبيزنس وعلم وترفيه وثقافة وفن وقيم وأخلاق وطب وصحة.. كل شيء موجود فيها وبأرقى المستويات، وبأعلى المعايير، فهى عبارة عن استثمار ضخم وعمل احترافى تنظمه قوانين وقواعد ولوائح، يكلف مليارات الجنيهات الإنجليزية، وهو حاجة مختلفة تماماً عما يجرى فى كرة القدم عندنا التى عندما نذكرها نذكر معها الفساد والهزائم والالفاظ البذيئة والأخلاق المتدنية التى نمارسها علناً وبلا خجل فى الفضائيات والمواقع الصحفية الالكترونية وأيضا فى ساحات نسميها تجاوزاً ملاعب.. وكمان بلا جمهور!

[email protected]