رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج المقصورة

فى صدرى تختنق الكلمات، وفى عينى آلاف العبارات، فهى التعزية فى الحزن، الرجاء فى اليأس، والقوة فى الضعف، وإن كان قلمى لا يستطيع التعبير عن مشاعرى نحوكِ، فمشاعرى أكبر من أن أسطرها على الورق، مهما حاولت أن أقدم لك لن أوفيك حقك، هى سبب النجاح، تُعطيك من دمها وصحتها لتكبر وتنشأ صحيحاً سليماً، هى عونك فى الدنيا، وهى التى تدخلك الجنة، ولكنى لا أملك إلا أن أدعو الله عز وجل أن يجعلك فى الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين.

رحلت أمى فى هدوء، لم ترض لأحد التعب معها، كانت تتظاهر بأنها قوية عفية، تتعمد التحدث بصوت قوى، وحاد، حيث كان مقياس حالتها الصحية لدينا هى طبقات صوتها القوى، الذى معه أشعر بالأمان.. أنها فعلا بخير.. لكن لم أدرك أن خلف هذه القوة تعباً دفيناً، تحاملت على نفسها ولم تشتكِ حتى لا تزعج أحدا، كلماتها حينما اشتد عليها المرض «الحمد لله.. أنا بخير».

ربما لم تحظ بقدر من التعليم، مثل معظم باقى نساء الصعيد من جيلها، ولكنها تعلمت الحكمة بالفطرة، وكيف تدير مملكتها الخاصة فى أسرتها بحكمة، واتزان، حتى حينما شاءت الأقدار، وتعرض أبى لمطبات وعثرات مالية، فى مسيرته، وضعت أمامه كل ما تملك من ذهب، وأموال، حتى أغلى ما لديها وهو «كردان» بلهجة أهل الصعيد، عبارة عن أجود حبات الذهب المحفور عليه رسوم من الحقبة الملكية، لم تبخل به حينما كنا نواجه أحلك الظروف، حتى فى دراستى لم تتأخر لحظة فى توفير مصروفاتها، من أجل أن تصنعنى وتحقق أحلامى.

حرصت أن تظل «طبلية» بيتها ممدودة لعابرى السبيل، والغرباء، وفى واحدة من المواقف التى لن أنساها حينما مر واحد من قرية قبطية جوارنا وقال لها «يا حاجة أنا جعان وأريد طعاماً، ولم أطلب ذلك من أى بيت فى القرية، لأنى أعلم أنك بنت كرم وأصول».. أتذكر وقتها قد أمرتنى بفتح باب حجرة الضيافة، وقدمت له أطيب الطعام.

رحلت أمى فأثقلنى الهم.. رحلت فتاهت خطواتى.. رحلت فبقيت جسدا بلا روح وكأن كل الدنيا وكل شىء رحل معها لم أعد كالسابق أبدا فكل شىء توقف.

يا سادة.. سألوا رجلاً أيهما أجمل أمك أم القمر؟ قال «إذا رأيت أمى نسيت القمر، وإذا رأيت القمر تذكرت أمى».. وكذلك أمى رحمة الله عليها وأسكنها فسيح جناته.