عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

عمليات البناء على الأراضى الزراعية أفقدت مصر خلال 30 سنة نحو 760 ألف فدان، ويرجع ذلك إلى تفشى ظاهرة الفساد فى الأجهزة المحلية المعنية بمراقبة هذا الأمر، كما أن تفجر الأحداث السياسية أوجد «بيئة خصبة» لتفاقم هذه الظاهرة، لأنه لا يوجد رقيب، كما أن مصر التى تعانى نقصًا فى سلع الغذاء الرئيسية يجب أن تضع من ضمن أولوياتها وقف ظاهرة تقلص الأراضى الزراعية للقضاء على هذه الفجوة، وأن أسعار الغذاء شهدت ارتفاعات هائلة مؤخرًا.

أما الجهود المبذولة لاستصلاح الأراضى الصحراوية لزيادة الرقعة الزراعية دون الحفاظ على المساحات الزراعية الحالية فى كامل عنفوانها وحمايتها من التعديات بالبناء عليها نتيجة للزحف العمرانى والصناعى تحت مسمى كردونات المدن حتى لا تصبح كأنها مجرد تعويض عما نفقده من الأراضى الزراعية الخصبة وإحلالها بأراضٍ قليلة الخصوبة وضعيفة الإنتاجية، وبالتالى تكون المحصلة بالسالب فيما يخص الزيادة الدورية المطلوبة فى المساحة المنتجة للغذاء، فعندما تشير التقارير المصرية الرسمية الواردة فى دراسات هيئة الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء وتدعمها الدراسات الدولية الصادرة من البنك الدولى ومنظمة الأغذية والزراعة إلا أن مصر قد فقدت عبر الخمسين عامًا الماضية نحو مليون وربع المليون فدان من الأراضى السمراء الخصبة فى الوادى والدلتا نتيجة للزحف العمرانى والصناعى على الأراضى الزراعية على الرغم من الفجوة الغذائية المصرية التى تتجاوز نصف ما نستهلكه من الطعام، وبالتالى يكون ما تم إنجازه باستصلاحات لمساحات مساوية فى الصحراء مجرد تعويض غير متكافئ عما فقدناه من الأراضى الخصبة نتيجة للفارق الكبير فى الخصوبة والقدرة الإنتاجية العالية بما يجعل فدان الأراضى السمراء القديمة مساويًا لخمسة أفدنة من أراضى الاستصلاح الحديثة والتى تبلغ تكاليف الإنتاج فيها فى أثناء المراحل الأولى للاستزراع خمسة أضعاف تكاليف الزراعة فى الأراضى القديمة، وكأن الأمر بناء فى جانب وهدم فى الجانب الآخر، ومن هنا فإن أكثر من يقدر قيمة الأراضى الزراعية هو الفلاح المصرى، حيث ارتوت هذه الأراضى بعرقه وعرق أجداده، وبالتالى فإن الأمر لا يكون بالهين عليه حين يزرع هذه الأراضى بالخرسانة المسلحة بدلًا من الغذاء، ويشعر وكأنه يدفن أجزاء من جسده وذاته مع توارى هذا التربة الزراعية تحت المبانى الخرسانية، وهو لا يفعل ذلك إلا مضطرًا وتحت ضغوط أسرية شديدة الوطأة أو تحت ضغوط الفقر وإغراءات العروض السخية بالشراء بمبالغ لم يكن يتصورها.

وكان التشريع الذى تم فى تسعينيات القرن الماضى بتجريم البناء والتعدى على الأراضى الزراعية مع المحاكمة للمخالفين أمام محاكم أمن الدولة العليا حفاظًا وتقديسًا للأراضى الزراعية كمصنع دائم لا ينضب للغذاء، وامتدادًا لفكر الفراعنة بعدم البناء على الأراضى الزراعية مهما كانت الأسباب كما هو واضح فى مكان بناء الأهرامات والمعابد والمقابر الفرعونية التى بنيت فى الصحارى القريبة من الوادى والدلتا، وحتى بناء بيوت الفلاحين على الأرض الزراعية قديمًا كانت من الطوب اللبن من طمى التربة حتى يمكن استعادتها مرة أخرى.

ونحذر من التعدى على الأراضى الزراعية، لأنها ستدمر الرقعة الزراعية الخصبة التى تكونت على مدار مئات السنين، كما أن الطمية النيلية التى أسهمت فى خصوبة تربة الأراضى الزراعية بالوادى والدلتا ترسبت من خلال مياه نهر النيل على مدار فترات زمنية كبيرة، فعلى سبيل المثال فإن ترسيب نصف سنتيمتر يحتاج لعشر سنوات متتالية. ويجب أن توفر الحكومة البدائل اللازمة للحد من لجوء الفلاحين للبناء على أراضيهم الزراعية، وذلك من خلال توفير أراضٍ لأبناء الفلاحين بديلة لهم بالظهير الصحراوى التابع لكل محافظة وتوفير الحوافز اللازمة لتشجيع المزارعين على الذهاب للبناء فى الصحراء وتعميرها.

«وللحديث بقية»

رئيس حزب الوفد