رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

 

أضم صوتي إلى صوت الكاتب الكبير الدكتور أسامة الغزالي حرب في التنديد بحال الساحل الشمالي والعنوان الذي اتخذه لمقاله وكنت قد عنونت به مقالا سابقا منذ سنوات في وصف ما يجري بأنه «جريمة الساحل الشمالي»، وأجد نفسي متوافقا معه لحد التماهي في الإشارة إلى أنني على استعداد لكتابة مائة مقال أخرى في انتقاد حال الساحل وتخطيطه وما آل اليه، وإن كان الفرق أنه فيما أن الدكتور اسامة يعترف بأنه مشارك في الجريمة من خلال امتلاك شاليه له في الساحل، فإنني ولله الحمد قاومت مثل هذه المشاركة وما زلت وليس لي أي شاليهات رغم أن ذلك، بفضل الله، ليس بعيدا عن إمكانياتي المادية.

لن أكرر هنا ما قلته في مقالات عديدة سابقة على مدى سنوات، بخصوص الاستغلال المحدود للساحل لشهور معدودة وأن ذلك يعبر عن سلوك يفتقد للرشادة،  لكن الجديد هو بوادر تحول في مشاعري بالتعاطف مع ملاك الساحل على خلفية التطورات التي يواجهونها وترفع تكلفة انتفاعهم بوحداتهم التي تصوروا يوما أنها الملاذ لهم للترفيه والخروج من ضيق القاهرة إلى سعة البحر في الصيف.

ملاك الساحل يواجهون اليوم وضعا مغايرا لما يجب أن يشهدوه، فإذا كانت القاعدة العمرانية تقوم على ضرورة رفع كلفة استخدام مرفق ما للتقليل من استخدامه، وبالتالي الحيلولة دون تحول الرغبة في امتلاك شاليه إلى أسلوب حياة للمواطن المصري،  فإن الأمر اليوم بالنسبة للساحل يجب أن يتجه للعكس وهو تيسير كلفة استخدام هذه القرى في ضوء سياسة الدولة الجديدة القائمة على تحويل الساحل، انطلاقا من العلمين إلى بقعة عمرانية لا يتوقف الاستفادة منها على شهور بعينها وإنما المعيشة فيها على مدار العام.

ليس دفاعا عن ملاك القرى بالساحل التأكيد بأنهم ليسوا جميعا كما يتصور البعض، أغنياء أثرياء يبحثون عن المجالات التي ينفقون فيها أموالهم الزائدة، وإنما الكثير منهم، بحكم العادة وبحكم العدوى الاجتماعية، سعى لامتلاك شاليه ليكون متنفسا له في الصيف. وعلى هذا الأساس قبلوا، بغض النظر عما في ذلك من عدم رشادة مجتمعية، دفع تكلفة صيانة سنوية ربما توازي تكلفة استئجار نفس الشاليه الذي يمتلكونه ولكنها الرغبة في الخصوصية وأحيانا الاستثمار.

إلى هنا تبدو الصورة مقبولة على مستوى الملاك باعتبار أن التكلفة المادية لتحقيق رغبتهم في امتلاك وحدة خاصة يذهبون إليها وقتما يشاءون يمكن تحملها، غير أن الملاك فوجئوا العام الماضي بإحياء الدولة للضريبة العقارية والتي مثلت عبئا إضافيا عليهم ربما دفع البعض، خاصة من صغار الملاك وبشكل أخص من ملاك شاليهات القرى القديمة قبل العلمين والتي تمثل العالم الثالث من ملاك الساحل، إلى التخلص من وحداتهم بالبيع لتخفيف العبء المادي عنهم.

 

لم يكد هؤلاء يفيقون من تلك الضريبة والتي ما زال الجدل دائراً بشأنها، حتى كانت مشكلة رسوم الانتفاع بالشاطئ والتي تمثل، بعد الصيانة والضريبة العقارية ثالث الأزمات المادية أمام ملاك وحدات الساحل، وتزيد من حجم العبء المادي عليهم بما قد يجعل تكلفة استخدام الشاليهات صعبة بشكل قد يخرج معه البعض من نادي حائزي وحدة مصيفية في الساحل. وقد بدأت الوحدات المحلية بالفعل في مطالبة القرى بهذه الرسوم وبأثر رجعي ووصل حجم المطالبة لإحدى القرى حسبما أخبرني أحد الأصدقاء نحو نصف مليون جنيه عن سبع سنوات بمعدل نحو 60 ألف جنيه سنويا.

ربما يبدو المبلغ لو وزع على مجموع الملاك صغيرا، غير أنه مع باقي الأعباء الأخرى يمثل رقما غير صغير في موازنة الأسرة المصرية المتوسطة. المفارقة التي قد تطيح بكل السطور التي قرأتها في هذا المقال هو ذلك الإقبال منقطع النظير الأسبوع الماضي على امتلاك وحدات إحدى الشركات بالساحل وقاربت مبيعاتها الملياري جنيه خلال 48 ساعة ، وهو ما قد يعزز مقولة البعض بأن المصريين ليس لهم «كتالوج».. الأمر الذي ربما يكون له حديث آخر إن شاء الله.