عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

بعيدًا عن «صعود» مصر في ذيل الترتيب العالمي لجودة التعليم «المركز 148 من 148»، وقناعة المسؤولين عن تلك «المنظومة المهترئة» بأننا «معندناش حاجة نبكي عليها»، يظل الأمل معقودًا على النظام الجديد في تحقيق «معجزة»!

لن نتحدث عن استقطاع بلدان العالم «الأول» جزءًا كبيرًا من ميزانياتها السنوية الضخمة للتعليم والبحث العلمي، حيث تعتمد على العلم كمعيار أوحد في تقدمها وتحضرها، لدفع عجلة التنمية وتحقيق الرفاهية لمواطنيها في مختلف المجالات.

لكن، عواصف الغلاء التي طالت كل شيء، وتوابع زلزال الأسعار في المصروفات الدراسية والملابس والكتب والمواصلات.. كل ذلك وغيره اغتال البهجة، وقتل فرحة الأسر باستقبال العام الدراسي الجديد.

ورغم أننا أصبحنا على موعد سنوي متجدد مع المعاناة، إلا أنه من المفيد استقبال الفرحة والتفاعل معها في لحظتها، دونما انتظار، وعدم الاكتراث بالحسابات المعقدة التي من شأنها أن تغتال هذه اللحظات الجميلة.

«قدرًا» كنت موجودًا في مسقط رأسي، حيث أول يوم دراسي، عندما استيقظت فجرًا، أترقب بدء طابور الصباح، في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، بإحدى المدارس الابتدائية الملاصقة لبيتي الريفي.

رأيت من نافذتي، أطفالًا في عمر الزهور؛ يلبسون ثيابًا جديدة.. يحملون حقائبهم المثقلة على ظهورهم.. السعادة الغامرة تكسو وجوههم، والبراءة تشع من عيونهم، في مشهد لا يتكرر سوى مرة واحدة كل عام.

تابعت مشهداً يصعب وصفه.. حيث فرحة الأطفال وحدهم، باستقبال اليوم الدراسي الأول.. البراعم والزهرات في صحبة آبائهم، فرحين وهم يستمعون إلى نصائح ما قبل الحصة الأولى.

الأطفال ينتظرون بشغف ويتابعون باهتمام، انتظارًا لمعرفة فصولهم وأماكن جلوسهم.. يقفون متراصين في صفوف، لا تخلو من المشاكسات حول أولوية الوقوف في الصف، وكلهم يأملون أن يكونوا في المقدمة.

ودَّع الآباء والأمهات أبناءهم، وعيونهم مليئة بدموع الفرح، وقلوبهم تلهج بالدعاء لأبنائهم، متمنين لهم أن يكونوا أفضل حالًا منهم، وأن يكون عامًا سعيدًا، مختلفًا عن الأعوام السابقة.

استحضرتُ ذاكرتي، مع تلك المشاهد التي لم تغب عن ذهني في أول يوم دراسي، عندما ذهبت إلى المدرسة، ينتابني شعور ـ لم أدركه حينها ـ بعد أيام عدة قضيتها انتظارًا لتلك اللحظة الفارقة.. لم أنم قبلها بأيام عدة.. حقيبتي الجديدة لا تفارقني، و«المريول الأصفر» الذي سأرتديه، بين أحضاني.

كانت لحظات انتظار صامتة، أترقب فيها موعد فتح بوابة المدرسة.. دخلت مع زملائي إلى الفناء في اصطفاف طابور الصباح.. رددت النشيد الوطني وتحية العلم.. انتظمت بعدها في الصف، واستمعت إلى التوجيهات المتكررة والنصائح المعادة من المعلمين، وقبلها من والديَّ.

شعور لا يوصف عندما تكون تلميذًا في أول يوم دراسي، وإحساس أروع عندما يتكرر المشهد نفسه، مع اختلاف العصر وأدواته وإمكاناته.. لكن هذه المرة مع أبنائك.

لم نكن نعلم ما يكابده الوالدان من مشقة لكي يوفرا متطلبات الحياة، واهتمامهما بالمستقبل التعليمي لأبنائهما، الذين ـ قطعًا ـ لا يدركون هذه الحقيقة إلا بعد أن يكونوا في موقع تحمل المسؤولية.

لا أحد منَّا يستطيع أن ينسى أول يوم دراسي، أو طابور الصباح الأول، وبالتأكيد رحلة البحث عن مقعد مناسب قبيل انطلاق الحصة الأولى، إلى جوار صديقٍ أو جارٍ.

تمر الأيام والسنون، ويتكرر المشهد بشخوص وأماكن ومعالم مختلفة.. المناهج والأدوات والأبنية والمعلمين.. كل شيء تغير، لكن الأجمل أن تلتقي مع زملاء الدراسة القدامى بعد أن أصبحوا آباءً، ليبدأ الجيل الجديد رحلة تعارف.. وكأن التاريخ يُعيد نفسه!

[email protected]