عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

يتفرغ مجموعة من المثقفين فى الفترة الأخيرة لإدارة صالونات ثقافية وفكرية وندوات للمناداة بالهوية المصرية والتى حددوا ملامحها فى دوائر ضيقة خانقة عازلة ويتصارعون فيما بينهم عليها، فبينما يؤكد البعض أن فى العودة لتعاليم الأديان والتمسك بكل دعواتها النبيلة للبشر تتحدد ملامح الهوية للمصريين ، يرى غيرهم أن الهوية تحددها هوية الحضارة الأقدم، وأرى أن الزج بالأديان فى موضوع البحث عن الهوية خطأ تاريخى.. كيف يجمع المصرى المسيحى فى إحدى قرى الصعيد والفرنسى المسيحى فى بلاد الفرنجة هوية واحدة؟! أو كيف تكون لمسيحى فلسطينى أو عراقى يعيش زمن الاحتلال والهيمنة الأمريكية والرئيس بوش المسيحى هوية واحدة لمجرد الانتماء لعقيدة واحدة؟!

فى مقال لطه حسين, نشره منذ 80 سنة فى صحيفة «كوكب الشرق», حدث قارئه عن الحوار الذى دار بينه وبين موظف فرنسى يعمل فى المصلحة المسئولة عن إقامة الأجانب فى فرنسا حول مسألة الهوية, وكان طه حسين قد رحل إلى فرنسا عام1914 مبعوثا, فاستدعاه هذا الموظف ليراجع معه أوراقه, وسأله عن جنسيته, وأجاب طه حسين: أنا مصرى ، غير أن الموظف الفرنسى أعاد عليه السؤال مرة أخري: أسألك عن جنسيتك لا عن البلد الذى ولدت فيه, أنت ولدت فى مصر, لكن مصر لا جنسية لها, لأنها ليست دولة مستقلة, وإنما هى ولاية تابعة للسلطنة العثمانية, فأنت إذن لست مصريا, بل أنت رعية من رعايا السلطان العثمانى ويسأل طه حسين «نعم , نحن مصريون, لكن ما الذى تعنيه هذه الكلمة؟ وما الذى تشير إليه؟ هل الهوية المصرية عرق؟ هل هى لغة؟ هل هى دين؟ هل هى أرض؟ هل هى تاريخ؟

ويسأل أيضاً شاعرنا الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى: فهل تكون الهوية المصرية ديناً؟ هل الإسلام هو هويتنا؟ الجواب أيضاً بالنفى, لأن الإسلام دين عالمي, ومع أن الإسلام فى مصر ليس مجرد عقيدة, وإنما هو ثقافة وحياة مشتركة تجمع بين المصريين المسلمين وغير المسلمين, فالإسلام ليس وحده هويتهم, وإنما هو عنصر من عناصر هذه الهوية, لأن مصر كانت موجودة قبل الإسلام, وكانت لها حضارتها وثقافتها وديانتها ولغتها ودولتها قبل أن يظهر الإسلام بخمسة آلاف عام, والإسلام لم يقطع بيننا وبين تاريخها السابق عليه.. انتهى كلام حجازى، وللمقال تتمة فى مقال قادم بإذن الله..