رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الناس مشغولة بالأسعار.. وبقيمة السلع، وكيف كانت، وما أصبحت عليه، ولا توجد مساحة متر واحد إلا وفيها نقاش حول الأسعار.. وما بين ساخط، وهم السواد الأعظم، وبين راض، وهم أقل من القليل، لم يسأل أحد نفسه السؤال الأهم.. وهو: لماذا وصلت أسعار السلع إلى هذه المستويات المرتفعة، دون أن تواكبها مرتبات أو دخول مرتفعة أيضاً!

 وكما قال الفيلسوف اليونانى الأشهر أرسطوطاليس فى مقولة نُسبت له تقول: «أصعب شىء أن يعرف الإنسان نفسه وأسهل شىء أن ينصح غيره».. فالناس تنصح الحكومة، ليل نهار، بالسياسات الاقتصادية التى يجب أن تتبعها للحد من ارتفاع الأسعار، وزيادة المرتبات، بينما لا أحد ينصح نفسه بالسياسة الاقتصادية التى يجب أن يتبعها لخفض نفقاته اليومية وزيادة مرتبه الشهرى.. والحكومة، أيضاً، تنصح الناس بترشيد الاستهلاك، وخفض الإنفاق، كمحاولة، هى تعرف مسبقًا إنها فاشلة، لإجبار التجار على خفض الأسعار، بينما هى لا تنصح نفسها بضرورة وضع سياسات أو آليات لزيادة الإنتاج من السلع، سواء كانت غذائية أو صناعية وبالتالى زيادة المعروض من ناحية، وزيادة الصادرات من ناحية أخرى.. وما يستتبع ذلك، تلقائياً، من خفض الأسعار، وارتفاع المرتبات والدخول!

هذه.. هى المعادلة التى لا يعرفها أحد، أو لا يريد أن يعرفها أحد، لأنها تحتاج إلى جهود كبيرة، حيث إن زيادة الإنتاج والصادرات هى السبيل الوحيد لزيادة دخل الدولة والمواطنين معاً.. ورغم أنها معادلة صعبة، ولكن حلولها سهلة، فقط تحتاج إلى تفكير علمى وتخطيط عملى، وتغيير فى مناهج التعليم، وفى النظم الإدارية، وتطوير مستمر ومتابعة دقيقة.. وكل ذلك لا يتأتى إلا بالعمل الشاق والدؤوب والمنظم والجماعى.. وإن كان ذلك لا يحتاج إلى اختراع شىء من العدم، أو إلى عقول وعبقريات لم يشهدها العالم من قبل مثل اكتشاف النار أو اختراع العجلة.. حيث إن المطلوب هو تطبيق ما طبقته بلاد كانت فى نفس حالتنا وصارت أفضل منا بمئات المرات!

ولكن.. الحكومة، وكل الحكومات السابقة، تكتفى بأن تنصح الناس ولا تنصح نفسها.. فقد اعتادت، على زيادة إيراداتها من مصادر سهلة وسريعة ومضمونة من السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، وليس من إيرادات الإنتاج والابتكار.. ولذلك أصبح العمل بلا قيمة، حيث تحول الجميع إلى موظفين يقبضون مرتبات ولا يعملون، والتعليم أصبح بلا معنى، حيث تخسر فيه الدولة ولا تكسب منه، فهو وسيلة للحصول على شهادة للتوظيف، وليس لزيادة الإنتاج، وينفع المتعلم ولا ينفع الدولة.. وأعتقد أن الأوان قد حان للتوقف عن الحصول على شهادات من التعليم، والبدء فى تعلم أشياء من الشهادات، والتوقف عن تصدير النصائح لبعضنا البعض والبدء فى تصدير المنتجات.. وحسب قول أرسطو، أيضا، علينا أن نحرر أنفسنا من الأمل بأن البحر يومًا سيهدأ، والبدء فى تعلم الإبحار وسط الرياح العاتية.. وإن السعادة تنبع من ذواتنا لأمن الآخرين. ولذلك لا بد من التعرف على أنفسنا وقدراتنا بالتعليم والعمل والإنتاج، قبل التورط بالهرى والكلام فى إِسداء النصح للآخرين لمعرفة أنفسهم وقدراتهم!