عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما يجتاح الإنسان الشعور بالخوف.. ويستقر في داخله، لن يستطيع التخلص منه بسهولة، لأنه إحساس بالهوان والضعف الذي يشل حركته وتفكيره، فيسلب النفس مذاق الراحة والطمأنينة.

ونحن صغارًا، كنَّا نخاف من سرد بعض الحكايات والحواديت التي تلجأ إليها الأم أحيانًا، لإسكات أبنائها، أو إخافتهم عندما يرتكبون خطأً ما.. ثم تمر السنوات، ليتبدل مفهوم الشعور بالخوف، حين يصل الإنسان إلى مرحلة سِنِيَّة معينة.

من الطفولة إلى المراهقة، فالشباب، ثم الكهولة.. مراحل عدة، تتبدل فيها مشاعر الخوف، وفقًا لكل مرحلة، بدءًا من «أمنا الغولة» و«أبورِجل مسلوخة»، مرورًا بالقلق والتوتر الذي يُصاحب فترات الامتحانات، ثم الرعب من «زوَّار الفجر»، الذين ذاع صيتهم على مدى عقود، وأخيرًا الخوف على مستقبل الأبناء والمصائر التي تنتظرهم.

نتصور أن الشعور الإنساني، يعتريه الخوف، وإن بنسب متفاوتة، فهناك كثيرون يخافون بلا سبب، أو لأسباب واهية، وآخرون يخافون إلى حد الرعب.. ما يفقد حياة الإنسان مذاقها وحرمانها من أي متعة، لتجلب له الحزن والأسى والشفقة.

ولأن الخوف الذي يعتري الإنسان يجلب له دائمًا الإحساس بالهوان والضعف والمذلة والشقاء، ويجعله حائرًا عاجزًا منطويًا على نفسه، فالنتيجية إذن أن يكتفي الشخص الخائف بمراقبة ذاته المنهارة، ويحسد الآخرين على الطمأنينة التي يشعرون بها!

ربما يكون الخوف من الناس أصعب أنواع الخوف لدى الإنسان، خصوصًا إذا تملَّكه الجُبن واعتاد التنازل عن حقوقه والتفريط فيها، بحيث لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، أو مواجهة الآخرين بأخطائهم وظلمهم!

وقد يلجأ الإنسان إلى الخوف، مُرغَمًا أو مُختارًا، لكنه غالبًا يكون زاهدًا مكتفيًا بالابتعاد عن تناول «حبوب الشجاعة»، على قاعدة «كفى الله المؤمنين شر القتال»، فيتجنب الإقدام أو المواجهة أو «التصادم»، وفقًا لمقولة «الباب إللي يجيلك منه الريح»!

نعتقد أنه ما إن يُفضِّل الإنسان «الخوف»، حتى يعتاد عليه، ليصل إلى مرحلة الرعب، وينقلب الحال إلى مرض مزمن لا تُفلح معه المهدئات أو المسكنات أو حتى العقاقير الطبية، لأن الموضوع يحتاج فقط إلى «الشجاعة» في مقابل تجاهل الخوف بكل أشكاله.

ربما يمكن القول، إن تزايد «المحظورات» في حياتنا، جعلنا نتلمس فقط قائمة الأشياء المسموح بها، فأصبحنا نعيش في مكان مغلق النوافذ وبدون أي «تهوية».. نرتاب في كل شيء، ونعيش في مناخ «الثنائية أو الازدواجية»، حيث فن إتقان حرفة استبدال الوجوه والأقنعة!

في مثل تلك الأجواء المشحونة بالخوف والقلق، يغيب المنطق، ولن يستطيع أحد العيش في «وهم» الطمأنينة والراحة النفسية، بعد أن يتم تغليب مبدأ السلامة واللامبالاة وإيثار الصمت والخنوع، وبالتالي يصبح «النفاق» طبعًا متأصلًا وقيمة سامية!!

نتصور أنه لكي نتغلب على الخوف، ينبغي التغلب على أنفسنا أولًا، وأن نواجه مخاوفنا بوضوح وصراحة، لتتوحد نفوسنا وتتسق بين ظاهرها وباطنها، وعلينا ألا نستسلم للخوف، حتى لا يكون شعار المرحلة «الخوف علينا حق»!