رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

حين تجالسهم.. تسمع كلامًا كالسحر عن العمل والعطاء والتفانى من خلال مواقعهم لبناء هذا الوطن وخدمة المواطنين، وحين تراقب أعمالهم، أو يسوقك حظك العاثر لقضاء أمر من أمورك أو إنهاء ورقة رسمية من أكداس محرراتنا الرسمية التى تحاصرنا فى الحياة، تتمنى لو «تخلع أقدم نعال لديك وتضربهم به أو تعدمهم فى ميدان عام»، لأنهم يقولون ما لا يفعلون، ولأنهم «استربعوا واستريحوا» على مقاعدهم، وأصبح العمل لديهم مجرد كسب ونفوذ وتحكم فى رقاب البشر و«شو» يقدمونه لوسائل الإعلام، أو يتشدقون به فى مجالسهم وسامرهم، أتحدث عن مسئولين.. موظفين.. عمال فى كل مؤسساتنا «إلا من رحم ربى» لأنهم كما قال عنهم سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز «تقولون مالا تفعلون» وقد كبر هذا مقتا عند الله، وكما قال ابن المقفع «قول بلا عمل سحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر» فهؤلاء كل ما يقدمونه تصريحات ساحرة، وخُطب آسرة، كالنظريات التجريدية التى بلا شواهد مرئية.

يا إخوانا إن الأديان السماوية وخاتمها الإسلام تحثنا على العمل، الإسلام جعل الثواب متعلقاً بأعمالنا وبمدى إتقان العمل، وحين تحدثت فيما سبق عن كيف أعادت ألمانيا بناء نفسها بعد الحرب العالمية الثانية، قصدت مثالاً حديثًا ورائعًا فى شعب أحب بلده وبناها من فراغ ودمار بزمن قياسى متبعًا سياسة لا مركزية، وكيف تعاملت المدن مع مشاكلها بطرق مختلفة، وكيف تبارت مؤسسات التخطيط لوضع خطط تلائم المستقبل على المدى البعيد، ونفذت بعدها مؤسسات التنفيذ الخطط بدقة وحرفية وتقنية، فتم إعادة تخطيط الشوارع والطرق مع الوضع فى الاعتبار الكثافة السكانية لكل شارع وضاحية، كما تم مراعاة خطط البنية الأساسية دون أن يكون فيها أى تعارض أو تضارب، فشبكات الكهرباء وشبكات الغاز والمياه والصرف الصحى وشبكات التليفونات، كلها على خارطة دقيقة، بحيث لا تتم إعادة هدم ما تم بناؤه، أو إزالة ما تم «تمديده بالأرض» لتصحيح مساره كما يحدث فى مصرنا الغالية، والتى نجد مسئوليها يهدمون ما سبق بناؤه ويحفرون ما تم ردمه لأننا من غير زعل شعب «عشوائى» فى معظم أعمالنا وإنجازاتنا، لأننا أساتذة فى الهدم والانتفاع من وراء ما نهدمه على حساب موازنة الدولة، تحت زعم تصويب مسار الشبكات المختلفة التى يضر بعضها ببعض والتى «رميها» فى باطن الأرض بصورة عشوائية بوهيمية بلا رؤية مستقبلية وبلا تقنية.

فى ألمانيا لا تجد مواسير مجارى تنفجر، ولا كابلات هواتف «بتضرب» ولا محولات كهرباء بها «ماس» ولا مياه تنقطع، كل مؤسسة أو وزارة معنية تمامًا بالخدمات والمرافق التابعة لها فى خارطة شاملة لا ثغرات فيها، الصيانة تتم بصورة دورية قصيرة ودائمة، أى شكوى للمواطنين إن وجدت تتم إزالتها وحلها فى الحال، لأن الخطط متكاملة وشاملة وغير متضاربة بين الوزارات المختلفة والمؤسسات النوعية.

الشوارع هناك تم إعادة بنائها بصورة عريضة جديدة تستوعب حركة المرور، ولأنه لم تكن لدى حكومة ألمانيا أموال كافية لتوفر التمويل وتعطى التعليمات لإعمار المدن، فقد تم ترك السكان يعيدون البناء بأنفسهم، الأمر الذى جعل إعادة الإعمار هناك مختلفاً إلى حد ما عن الدول الأخرى لأنه تم بجهود وتمويلات شعبية ومن قبل المؤسسات ورجالات المال والأعمال الى أن تدخلت خطة «مارشال» الأمريكية للإسهام فى الإعمار، ونؤكد أنه لم تكن إعادة الإعمار مدارة بشكل مركزى على الإطلاق ولم تكن أبدا عشوائية.. وللحديث بقية.

[email protected]