رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

تابعت باهتمام بالغ الحوار المهم الذى أجرته قناة روسيا اليوم الفضائية مع أحد ضباط أمن الدولة السابقين فى جهاز المخابرات السوفيتية «كى چى بى»، والذى سرد فيه بالتفصيل الجهود التى بذلتها المخابرات الأمريكية والغربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية من أجل تفتيت الاتحاد السوفيتى ودول المعسكر الاشتراكى، وإسقاطهم بشكل نهائى، عبر معايشته الشخصية لهذه الوقائع، واطلاعه المباشر بحكم موقعه الوظيفى على الأسرار التى أفضت إلى ذلك الحوار، الذى يأتى فى الذكرى المئوية للثورة السوفيتية التى تحل هذا العام، هو درس بليغ فى أليات وأساليب تفكيك الدول من داخلها بتجنيد زعماء سياسيين وعلماء وكتاب ومهنيين وصحفيين وادباء ومسئولين يتبوأون مراكز رسمية كبيرة داخل أجهزة الدولة والحكم، وفى المنظمات الخدمية للقيام بأدوار تدمر الاقتصاد وتنشر الفساد وتقود إلى فوضى شاملة.

ووفقا لهذه الشهادة فقد تم تجنيد ميخائيل جورباتشوف للقيام بهذه المهمة منذ سبعينيات القرن العشرين قبل أن يحظى بدعم من الرئيس الأمريكى دونالد ريجان ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر. فتدرج فى مواقعه داخل الجزب الشيوعى السوفيتى حتى تولى موقع السكرتير العام للحزب عام 1985، ثم صعد لرئاسة الدولة فى العام 1988 وحتى ديسمبر عام 1991 حين سلم رئاسة الاتحاد إلى بوريس يلتسين وهو يقول « لقد حصل المجتمع على الحرية « أما هو فقد حصل على جائزة رونالد ريجان للحرية وجائزة نوبل للسلام، بينما وقع خلفه اتفاقية حل الاتحاد السوفيتى، لتتوالى كلعبة الدومينو الانهيارات المدوية لدول المعسكر الاشتراكى واحدة تلو الأخرى.

من المفيد جدا لما يجرى فى منطقتنا العربية، تأمل الأساليب التى تم اتبعاها للوصول إلى النتيجة السابقة،التى جرى الترتيب لها منذ العام 1959 حين أصدر الكونجرس الأمريكى قانونا تحت عنوان دعم الشعوب المستعبدة، اقترح فيه تقسيم الاتحاد السوفيتى إلى 22 دولة، باشاعة مشاعر الحقد والغضب ضد الروس أكبر مجموعة عرقية، ومنذ ريجان وبوش الأب، أنشئت صناديق مالية بنحو مليار دولار سنويا لدعم الضغوط الخارجية والداخلية، ومن يسمون بالقوى الديمقراطية التى تقاوم النظام السوفيتى بهدف تقطيع أوصاله بالنجاح فى صنع مزاج شعبى مؤيد لإسقاطه، وإنشاء مئات من مراكز البحوث والدراسات السياسية التى تدعم هذا التوجه الشعبى وتمنحه بعدا استراتيجيا!

أما كيف تحقق هذا النجاح فى استمالة المشاعر الشعبية لتأييد هذا المخطط الجهنمى، فقد تم بتكوين شبكة من علاقات المصالح الواسعة مع أفراد وهيئات داخل السلطة وخارجها تلقى بالشكوك العميقة حول كل اجراء حكومى يتخذ، وتشوش على الحلول المطروحة للمشاكل بغية إجهاضها، وتقصى أصحاب الكفاءة من مواقع المسئولية، وتنشر الشائعات التى تفقد الثقة فى القيادات الحاكمة، وتدعم كل احتجاجات جماهيرية غاضبة،سواء كانت صاحبة حق أو معتدية على حق، وتشيع الروح العدمية التى تفضى دوما إلى طرق مسدودة، وتروج للتفكك الأسرى، وتستخدم وسائل الإعلام لإلقاء الضوء على المطالبين بالتغيير و بالإصلاح الديمقراطى، والتعمية على أدوارهم كعملاء للمخابرات الغربية ممن يمول أنشطتهم القرصان المالى العالمى «جورج سورس»، بتصويرهم كمناضلين من أجل الحرية وحقوق الإنسان!

ما المشترك يا ترى بين تلك الجهود التى تم بذلها لإسقاط الاتحاد السوفيتى ودول المعسكر الاشتراكى، وبين ما تعرضت له بلدنا، وما يجرى فى دول المنطقة؟ الإجابة متروكة لذكاء القارئ.