رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

وقفنا فى المقال السابق عند اعتراف عبدالناصر بالصين الشعبية فى مايو سنة 1956 كخطوة أخرى على طريق خروجه من منطقة النفوذ الغربى.

وبريطانيا فى أكتوبر سنة 1954، وشعر عبدالناصر عندئذ تجربة الحركة لبدء مشروعه نحو الوحدة العربية والاتجاه اقتصادياً نحو اليسار، بينما كانت أمريكا تؤيد موقف بريطانيا وفرنسا رسمياً ولكنها فى الواقع كانت تساعد عبدالناصر، على إخراج جيش الاحتلال البريطانى من مصر لأهدافها الخاصة التى توافقت مرحلياً مع رغبة عبدالناصر فى جلاء بريطانيا عن مصر، فقد كانت أمريكا تخطط لإخراج النفوذ البريطانى والفرنسى من مصر للحلول محلها كقوة مسيطرة وجيدة فى الشرق الأوسط العربى.

أعلن عبدالناصر أن سياسة مصر الخارجية ستكون الحياد الإيجابى بين الكتلتين الشيوعية والاستعمارية، وقام مع كل من جواهر لال نهرو، زعيم الهند وجوزيف تيتو، رئيس يوغسلافيا فى 18 يوليو سنة 1956 فى مؤتمر بجزيرة بريونى اليوغسلافية بإعلان أن سياسة الحياد الإيجابى ستكون عماد سياسة الدول الثلاث تمشياً مع مبادئ مؤتمر باندويج فى أبريل من العام السابق.

وكان عبدالناصر قد بدأ فى أواخر سنة 1955 مباحثات بين مصر والبنك الدولى الذى تسيطر عليه أمريكا بهدف أن يقوم البنك بتمويل مشروع إنشاء السد العالى فى مصر لزيادة الرقعة الزراعية وتوليد الكهرباء فى حدود مائتى مليون دولار كقرض لمصر، وفجأة أعلنت أمريكا فى 19 يوليو 1956 سحب عرضها لتمويل السد العالى، ويقطع ذلك فى رأينا، وكما أثبتت القارئ فيما بعد أن أمريكا كانت تتعمد تفجير الوضع بين مصر وبريطانيا لتنفيذ خطتها بإخراج بريطانيا وفرنسا من الشرق الأوسط، فرد عبدالناصر على الفور على سحب تمويل السد العالى بخطاب جماهيرى حاشد بالإسكندرية فى 26 يوليو سنة 1956 بإعلان تأميم قناة السويس لتمويل السد من إيرادها.

وعلى الفور اشتعل العالم العربى من أقصاه إلى أقصاه تأييداً لمصر وارتفعت شعبية عبدالناصر إلى عنان السماء وأصبح دون منازع زعيم الشارع العربى من المحيط الأطلسى إلى الخليج الفارسى، كما كان يسمى الخليج العربى وقتها، وعلى الفور أعلنت بريطانيا وفرنسا رفض التأميم بزعم أنه مخالف للقانون الدولى وبدأتا حشد قواتهما لغزو مصر واسترداد قناة السويس من عبدالناصر، وأعلنت أمريكا ظاهرياً رفضها للتأميم ومساندتها الكاملة لإنجلترا وفرنسا، وإن كانت فى الواقع كما نعتقد أنها تسير فى طريق إخراج النفوذ البريطانى الفرنسى من الشرق العربى.

تلبدت سماء المنطقة بسُحب الحرب القادمة، واشتعلت الروح الوطنية فى العالم العربى كله تأييداً لمصر، وسادت فى مصر روح وطنية وحماس صارخ واستعداد للتضحية لم تعرفه مصر منذ إلغاء مصطفى النحاس للمعاهدة مع بريطانيا فى 18 أكتوبر سنة 1951.

وكان عبدالناصر قد أصدر دستوراً جديداً فى 16 يناير سنة 1956 نهاية فترة السنوات الثلاث الانتقالية، وجرى الاستفتاء عليه وعلى رئاسة عبدالناصر كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية فى 23 يونيو سنة 1956 وتم انتخابه بنسبة 98٪ من أصوات الناخبين، وبذلك أصبح رسمياً رئيس جمهورية رئاسية يجمع بين سلطات رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء.

بمجرد تأميم قناة السويس وبدء استعداد بريطانيا وفرنسا عسكرياً لغزو مصر بدأت الدولتان وبتأييد معنوى كبير من معظم دول الغرب حرباً نفسية وحملة دعائية شرسة ضد مصر، وحاولت الدولتان شل الحركة فى قناة السويس عن طريق تحريض المرشدين الأجانب الذين كانوا أغلبية المرشدين العاملين فى قناة السويس للاستقالة من عملهم لإثبات فشل مصر فى إدارة هذا المرفق الملاحى العالمى، واستجاب كل المرشدين الأوروبيين للدعوة واستقالوا فجأة من العمل باستثناء المرشدين اليونانيين والمصريين، وأثبتت الإدارة المصرية الجديدة للقناة بعد تأميمها تحت رئاسة القائمقام المهندس محمود يونس قدرة بطولية على العمل ليلاً ونهاراً بالعدد الباقى من المرشدين ولذلك لم تتوقف الملاحة فى قناة السويس دقيقة واحدة.

قامت معركة سياسية كبيرة فى الغرب ضد مصر وقدمت مشروعات عدة لإعادة الإدارة الأجنبية للقناة كان أبرزها اقتراحاً من بريطانيا وفرنسا وأمريكا بعقد مؤتمر فى لندن لرفض قرار التأميم، وعقد المؤتمر فى 16 أغسطس 1956 ونادى بتدويل القناة ورفضت مصر حضوره وكون المؤتمر لجنة من استراليا وأمريكا والسويد وإيران وإثيوبيا حضرت لمصر لمدة أسبوع من 2 حتى 9 سبتمبر 1956 فى محاولة أخيرة لإقناع عبدالناصر بالعدول عن قرار التأميم، وفشلت اللجنة فى مهمتها وفشل مؤتمر لندن.

فى هذه الأثناء كان الحشد العسكرى ضد مصر يسير بخطى متسارعة واستخدموا إسرائيل كمخلب قط لتنفيذ الهجوم على مصر، فقامت إسرائيل بإسقاط جنود مظلاتها وسط سيناء مساء 29 أكتوبر بحجة القضاء على نشاط الفدائيين الفلسطينيين ضدها، ونستأنف فى المقال التالى سير الهجوم على مصر ومبرراته المزعومة وكيف انتهى.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد