رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

والواو فى العنوان أعلاه، معطوفة على بعض الكتابات التى تحدثت فى الفترة الماضية عن الظروف القاسية التى تمر بها الصحافة المصرية بعد تحرير سعر الصرف، وتراجع عائد الإعلانات، وارتفاع أسعار الورق ومستلزمات الطباعة، وضعف الاشتراكات ونقص أعداد التوزيع، وباستثناء ما كتبه الزميل وجدى زين الدين رئيس التحرير التنفيذى لصحيفة الوفد، فقد أشارت إلى الصحف القومية والصحف الخاصة، وأغفلت، أزمة الصحف الحزبية التى لم يعد يتبقى منها، سوى صحيفة يومية واحدة هى «الوفد» وصحيفة أسبوعية واحدة هى «الأهالى» وهما تعدان من أقدم الصحف الحزبية، وأكثرها انتظاما فى الصدور.

وهذا الواقع الصعب الذى يحيط بالصحافة المصرية كلها، يعود إلى زمن أبعد من الإجراءات الاقتصادية الأخيرة بكثير، إذ إنه جزء من أزمة شاملة، يواجهها الإعلام الورقى فى المنطقة وفى دول العالم منذ سنوات، بعدما انفجرت ثورة الاتصالات، وانتشرت الفضائيات، ووسائل الاتصال الاجتماعى المختلفة، بعد أن أتاحت على أجهزتها المتنوعة عبر النت، الأخبار والموضوعات المثارة فى أنحاء العالم على مدار 24 ساعة، وبات واضحا أن الصحف لم تعد قادرة على المنافسة مع الفضائيات والإعلام الإلكترونى. ففى الولايات المتحدة مثلا، أوقفت مجلة نيوزويك الأمريكية الشهيرة نسختها الورقية، وتحولت إلى الطبع الإلكترونى. وفى نهاية الشهر الجارى، تتوقف عن الصدور صحيفة السفير اللبنانية الذائعة الانتشار، بعد اثنين وأربعين عامًا من انطلاقها، فى نسختيها الورقية والإلكترونية بسبب أزمات مالية، وهو مصير ينتظر صحيفتين أخريين فى لبنان هما النهار واللواء.

فى مصر فاقمت الظروف الاقتصادية الخانقة والسياسية غير المستقرة من أزمة الصحف الورقية، فتراجعت عادة القراءة بشكل ملحوظ، واعتمد كثيرون على برامج التوك شوز والمطالعة السريعة لصفحات الجرائد على شبكة النت، ودردشات الفيس بوك، لتكوين آرائهم فى الشأن العام، فانخفض توزيع معظم الصحف، ولجأت صحف كثيرة فى الإعلام الخاص إلى تسريح أعداد من الصحفيين والعاملين بها تخفيضا للنفقات، وخفضت الجرائد القومية والحزبية والخاصة من صفحاتها، ونفقات طباعتها، ومكافآت كتابها، لكن تلك الإجراءات لم تحل الأزمة، فقد تم التهامها فى الزيادة المستمرة فى مستلزمات الطباعة، ومعظمها يجرى استيراده من الخارج، والأغلب الأعم أنها أزمات مرشحة للزيادة.

وفى ظل هذه الظروف الصعبة تمكنت صحيفتا «الأهالى» و«الوفد» من الصمود على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، ومواصلة الصدور، والتمسك بالدور الهام الذى قامتا به بجانب صحف معارضة أخرى قبل توقفها، فى توسيع نطاق الحريات الديمقراطية فى المجتمع المصرى ووقف التعذيب فى السجون، وتعميم الرقم القومى لضمان نزاهة الانتخابات العامة، والتبشير بقوانين ودساتير تقر بالتداول السلمى للسلطة، والفصل بين الدين والسياسة، وإرساء قواعد بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تضمن وحدة الأمة فى تنوعها الدينى والفكرى والثقافى والحزبى. وقدمت الصحيفتان أعدادا من الكوادر الصحفية والفنية، التى قامت على أكتاف بعضهم، معظم الصحف الخاصة، وحتى المحطات الفضائية، حيث شكلت الرواتب المرتفعة التى تدفعها تلك الصحف لمن يعملون بها، اغراء لهم مع الارتفاع المتوالى فى نفقات الحياة.

وفى ظل مناخ من المنافسة الشرسة مع الصحافة الخاصة، التزمت "الوفد" و"الأهالى" بأخلاقيات المهنة، وبالمسئولية الاجتماعية، التى تضع فى اعتبارها، المصالح العامة للوطن، ولا ينكر سوى جاحد الدور الهام الذى قامتا به فى التمهيد لانتفاضة يناير وثورة الثلاثين من يونيو، بما عزز ثقة القراء فيهما، ومنحهما مكانة تفوق ربما، حجم انتشارهما، هذا فضلا عن كونهما باتتا علامة على الصحافة الحزبية المصرية، التى تعد فى كل الأعراف، جزءًا لا يتجزأ من أى حياة ديمقراطية. والأزمة الطاحنة التى تمران بها للأسباب السابق ذكرها، تهددهما بالتوقف عن الصدور، وعلى الدولة وهى تفكر فى اخراج الصحف القومية من أزمتها، أن تعاملهما باعتبارهما صحيفتين قوميتين بمساعدتهما على تجاوز عثراتهما المالية، ليس فقط حماية لأرزاق جيش من الصحفيين والمحررين والمنفذين والإداريين، بل كذلك حفاظًا على التوازن فى الساحة السياسية والصحفية التى غدت مثقلة بالمصالح المتضاربة والمطامع الخبيثة.