رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

حدوتة غريبة تتزايد صفحات فصولها عبر القراءة بعين واحدة تضيق فيها مساحات الرؤية المخلصة، نتابعها الآن على ألسنة البعض مما يُحسبون على أهل السياسة والرأى والفكر حول دور وأهمية أحداث ثورة 25 يناير.. منهم من تفرغوا لسب وإهانة كل من شارك أو دعا أو بارك مبادرة النزول إلى ميادين التظاهر، بل إبداء التعجب من غضب الثوار على النظام المباركى رافعين راية «إحنا آسفين يا ريس» تحت غرفة الزعيم المفدى فى مستشفى «الإقامة»!

وترى تلك المجموعة التى ارتبطت مصالحها بالنظام أنها المتفردة بمواقفها الوطنية دون تلون، ولا تجادلهم حول فساد رموز عصر بكامله، ولن يعترفوا ولن يروا رجال ذلك الزعيم وأفراد أسرته وهم يذهبون الواحد تلو الآخر إلى جهات التحقيق يسددون الملايين التى حصدوها فى عصره فى اعتراف رسمى بفساد طغمة رذيلة كانت تحكم البلاد!

مجموعة أخرى ظهرت فور اندلاع ثورة 30 يونيه ليؤكدوا أنه لا ثورة إلا ثورة الخلاص من «25 خساير» كما أطلقوا عليها بكل ثقل ظل وعدم لياقة واحترام لرموز وشهداء بشر عظماء وطنيين منا تقدموا الصفوف للبحث عن الحق فى حياة تتوفر فيها للمواطن مطالب «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية».. أراد هؤلاء إيجاد المبرر لعدم مشاركتهم فى ثورة يناير بإعلان الانتماء السريع لثورة كان من المضمون نجاحها نظراً لحالة الإجماع الشعبى على رفض حكم الفاشية الدينية، والأهم لأنها ثورة ببطاقة دعوة من جيش البلاد العظيم وقياداته.. وعليه انهالوا بسكاكين الغباوة السياسية على الحدث الينايرى وادعاء أن ثورة يناير هى التى أتت بالإخوان، وتناسوا أنها الثورة التى رفضت التمكين المباركى للتيارات المتشددة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وصدق الفيلسوف الكبير د. مراد وهبة  فى تأكيده على أن نظام مبارك ممثلاً فى الحزب الوطنى الديمقراطى هو فرع من الإخوان المسلمين!

وهناك فصيل آخر بسيط الرؤية يفتقر الوعى الأشمل بما يجرى، يدعى ممثله  أن «ثورة يناير» كانت فقط تعبيراً دقيقاً عن احتياجات شعب فقير فى أغلبيته، فقد كان الفقراء هم وقود الثورة، وكانت بوادر تلك الثورة وإرهاصاتها الأولى عبر تلك الحادثة الدالة التى كان بطلها «عبدالمنعم جعفر» الذى حاول الانتحار لاحتياجه إلى بضعة أرغفة.. ويرفض الملاسنات حول أن الأزمة ليست فى فقدان العدالة الاجتماعية ولكنها الكرامة الإنسانية المهدرة، ويسأل: أليست العدالة الاجتماعية هى الطريق إلى تحقيق الكرامة الإنسانية؟!.. وهو كلام يبدو وجيهاً بشكل نظرى لكنه غير حقيقى لأن الأخ «جعفر» هذا لو يعلم من ادعى أنه أيقونة ومفجر ثورة يناير بإقدامه على الانتحار هو يمثل مجرد حادثة كانت وما زالت تتكرر بأشكال وتفاصيل متنوعة على مدى عهد «مبارك» وحتى تاريخه.. كل يوم نتابع حوادث انتحار وبيع أعضاء وأبناء إلى حد تكرار حوادث قتل رب الأسرة لكل أفرادها ثم ينتحر ويتم عرض مثل تلك الأحداث على شاشات التلفاز، ودائماً كان رد الفعل آخر حلاوة بإدارة مؤشر القنوات للفرجة على برامج الفرفشة والتظبيط، شعبنا الطيب ليس من الشعوب «سريعة الندهة» فى مجال رد الفعل على المعاناة من الفقر فلديه من الموروثات الشعبية والمعتقدات الدينية ما يجعله صبوراً حليماً وديعاً مطمئناً، إنما هى كارثة إهدار الكرامة الإنسانية هى التى دفعت للثورة وحشدت لها بعد معاناة من نظم إذلال الحاكم للمحكوم من خلال تفعيل إدارات باطشة قامعة غير ديمقراطية، فكرامة الإنسان تتحقق فى الاستقلال الذاتى لإرادة الفرد، وحرية الاختيار، وحرية التصرف، وحرية العبادة، وحرية الاعتقاد، بل فى تشكيل حياته وتطوير مهاراته وفق رغباته وقيمته كإنسان. تفترض الكرامة إنساناً حراً، يشكل غاية فى حد ذاته، وليس وسيلة لتحقيق أهداف جماعية أو أهداف أفراد آخرين، الكرامة الإنسانية تضمن الحق فى الخصوصية وعدم التمييز وامتلاك إدارة الذات لتحقيق التطوير.

[email protected]