رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى لحظة تاريخية ما.. يتوقف الشعب عن التعامل مع الحاكم، لما يتوقف الحاكم عن التعامل مع الشعب!

وأخطر ملامح هذا الفراق.. أن لا يستمع، ولا يصدق، ولا يبالى بما يريده كل طرف من الثانى.. الحاكم فى واد والشعب فى واد آخر!!

وهى لحظة لا يستشعرها، للأسف، الحاكم، ولكن يشعر بها الشعب، وللأسف أيضاً، فإن الشعب لا يغفر أبداً بعد هذه اللحظة الفارقة فى العلاقة بينهما!

ولا أحد يستطيع أن يلوم الشعب فقد ظل سنوات يصبر، على الذل أمام الحكومة، وعلى الاستغلال أمام الفاسدين.. وعلى مرارة الحاجة والفاقة، والانكسار يومياً أمام غول الاحتياجات.. ورغم ذلك يصبّر نفسه على أمل ان يلحظ الحاكم هذه اللحظة الفارقة قبل فوات الأوان!!

وعادة تسبق هذه اللحظة تجارب مريرة للشعب.. يتحمل فيها أكثر مما تحتمل الجبال.. فهو يشرب لسنوات المر بسبب أحلام الحاكم التى لا تتحقق، ويتقبل بامتعاض، الفشل وراء الفشل فى الخطط والسياسات، ويئن تحت وطأة الفقر فى الأفكار المبتكرة والاستراتيجيات المنقذة.. ورغم ذلك يقبل على مضض الفقر المريع، وينحنى ضعفاً وهواناً أمام ارتفاع الأسعار، وجشع التجار، وتهاون المسئولين، عن عمد، فى المراقبة والمحاسبة.. على أمل أن يستشعر الحاكم بما يعانيه قبل أن تحين لحظة الفراق!!

ولأن كل ثورات الشعوب قامت منذ بدء الخليقة حتى الآن.. بسبب الفقر، والجوع، وانتشار الأمراض.. فإن كل الحكام يتصورون أن الشعوب تقوم بالثورات من أجل الإطاحة بهم فقط!!

وإن أولى الثورات التى عرفتها البشرية.. كانت فرعونية، وعرفت باسم ثورة الجياع قام بها الشعب المصرى ضد الحاكم بيبى الثانى (2782 ق. م) وكانت أوجه الشبه بينه وبين مبارك المخلوع كبيرة.. فقد ظل سنوات طويلة فى الحكم حتى وصل عمره (94 عاماً) وفى عهده حدثت مجاعة وفقر مدقع، بسبب عجزه وضعفه وغيابه عما يدور حوله، وترك حكام الأقاليم الذين أهملوا إصلاح الرى والأرض، يستبدون بالأهالى، ويفرضون الضرائب الجائرة، وينهبون الأقوات، وانضم إليهم كهنة المعابد للمحافظة على امتيازاتهم وأوقافهم.. وإذا ذهب إليهم مواطن يشكو الفقر والجوع.. طالبوه بالطاعة والصبر ووعدوه بحسن الجزاء فى الآخرة!!

ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف ثورات المصريين.. وكل شعوب الأرض كذلك، ومنذ ذلك الوقت أيضًا لم يقتنع الحكام بثورات الشعوب ضدهم.. فقد رفض الرئيس السادات الثورة عليه فى يناير 1977 وسماها انتفاضة حرامية، وما زال مبارك يطل من نافذة غرفته بالمستشفى غير مصدق أن الشعب المصرى قام بثورة على بطل الضربة الجوية.. أما مرسى المعزول فقاب قوسين أو أدنى من الجنون وينكر ثورة المصريين عليه وعلى جماعته ويطلق عليها انقلاباً!!

والشعوب لا تقوم بثوراتها على الحكام إلا بالمطالبة بالعدل فى الجوع.. أو المطالبة بالعدل فى الغنى!!

فقد صبر الشعب المصرى على الفقر والجوع أيام الرئيس عبدالناصر عندما كان الفقر والجوع على الجميع، والتقشف على الجميع، والترشيد فى الإنفاق على الشعب والمسئولين.. ولذلك لم تأت أبداً اللحظة الفارقة فى العلاقة بين الحاكم والشعب أيام عبدالناصر.. رغم هزيمة يونيو، ولكنها جاءت أيام السادات بسبب غياب العدل فى الجوع وفى الغنى بين الشعب والحاكم، واستمتاع كبار المسئولين والأشقاء والمحظوظين بالرخاء وحرمانه على الشعب.. رغم انتصار أكتوبر!!

[email protected] com