رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

  كثر في الآونة الأخيرة؛ «الهمس»، وازدادت «الإيحاءات» و«الإيماءات»، وربما «المخاوف»، من احتمالية حدوث غضب شعبي «بشكل ما»، و«استحضار» أحداث يناير 1977، مع اتجاه الحكومة «الرشيدة» لاتخاذ إجراءات «مؤلمة»، في إطار الاتفاق الأخير مع صندوق «النكد» الدولي!

  في العام 1977 خرجت مظاهرات طلابية ونقابية وعمالية، ضد قرارات رفع أسعار السلع، التي أعلنها «القيسوني» نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، أمام مجلس الشعب «البرلمان»، ضمن خطة تقشفية للسيطرة على العجز، بالاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدوليين، تضمنت رفع أسعار الخبز والسكر والشاي والأرز والبنزين وعدد كبير من السلع الأساسية.

  اضطر الرئيس الراحل أنور السادات للتراجع عن تلك القرارات التي أشعلت مظاهرات 18 و19 يناير، وأدت لأحداث عنف، أحرقت أقسام شرطة ومباني حكومية، أعقبها نزول الجيش لفرض الأمن ومنع المظاهرات، وإعلان حالة الطوارئ.

  بعد وقوع هذه الأحداث الشهيرة، نأت الحكومات المتعاقبة عن خفض الدعم، الذي ظل قضية حساسة للأنظمة كافة، إلى أن تم التحايل عليها خلال ثلاثة عقود، بأشكال ومسميات مختلفة، على شاكلة «تحريك، هيكلة، تحسين الخدمة» مقابل زيادة الأسعار!

  إن أحداث التاريخ قد تتشابه في بعض معطياتها ومقدماتها، لكنها بالضرورة لا تؤدي إلى النتائج نفسها، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اختلاف الظروف والخلفيات السياسية والاقتصادية لكل مرحلة، وبالطبع تغير اهتمامات الناس!

  ربما يكون التشابه في وجود مجموعة من التراكمات لدى الشعب، الذي لم يستفد من الانفتاح الاقتصادي بعد تضحياته في حرب أكتوبر، وكذلك بعد ثورته على نظام مستبد لثلاثة عقود، ثم الإطاحة بحكم الإخوان عقب عام واحد فقط!

  المحصلة إذن، خيبة أمل كبيرة، بعد سقف توقعات مرتفعة للغاية، تلت وعودًا سياسية بالرخاء، لكن الواقع على الأرض أصبح كارثيًا، في ظل غلاء متوحش، وانهيار اقتصادي، يستعصي على الحل، خصوصًا أن أدوات المعالجة هي نفسها لم تتغير!

  إن الضغط المستمر على الشعب، وتحميله وحده مسئولية عبء فاتورة الديون وفوائدها وعجز الموازنة العامة من جيبه المهترئ، يمثل خطرًا كبيرًا، يهدد الاستقرار في المجتمع، في ظل الفقر والجوع والحرمان والمرض!

  لكن، الظروف تغيرت، والأوضاع ازدادت سوءًا، ولم يعد بالإمكان أن يحيا المواطن حياة كريمة، في ظل تآكل واختفاء الطبقة الوسطى، وارتفاع الدين المحلي والخارجي، يضاف إليهما قروض وودائع لا نعرف أين ذهبت ولا فيما أُنفقت؟

  بالتأكيد، إن تضخم الدين الخارجي أو حجمه يدعو للقلق، ولكن وتيرة معدل نموّه وغياب الرؤية حول البدائل المطروحة لسداد تلك الالتزامات هو ما يثير الرعب، كما أن تراجع أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي يثير التساؤلات حول مدى قدرة الدولة على الالتزام بسداد أقساط وفوائد ديونها الخارجية، وفقًا للآجال المحددة.

  المؤسف أنه في كل الأحوال، يظل الشعب «وحده فقط» هو المطالب دائمًا بالتحمل والصبر والجلد والتضحيات والمساهمات والتبرعات، وتسديد فواتير العجز والفشل والإخفاقات والديون والقروض والهبات!

  ما يثير القلق والمخاوف هو انتقال التزامات سداد كل هذه الديون وفوائدها إلى الأجيال المقبلة، التي بات ينتظرها مستقبل غامض، مثقل بالديون ومليء بالتوقعات المرعبة؛ حيث لن يمكنها الوفاء بكل هذه الالتزامات في ظل اقتصاد يتهاوى ويتداعى باستمرار؟!!

[email protected]