رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

للأديب الراحل إحسان عبد القدوس رواية بعنوان «أرجوك أعطنى هذا الدواء».. تم تحويلها إلى فيلم لاحقا. وأتذكر أن المرحوم الشيخ كشك بسخريته اللاذغة راح يصدح من على المنبر فى إحدى خطبه ذات يوم متسائلا: أى دواء تقصد يا إحسان؟ تداعت إلى ذهنى هذه العبارة إثر مقال قرأته للدكتور رفعت السعيد بعنوان: «دليل الحيارى فى أحوال ملة النصارى». ولانى أتابع كتابات الدكتور السعيد منذ أكثر من ثلاثين عاما فقد رحت أقرأ المقال غير انى لم أشعر بأننى من الحائرين، وكان السؤال الذى ظل يراودنى على طول قراءاتى للمقال هو أى حيارى تقصد يا دكتور؟

عندما تقرأ المقال تشعر بأن الدكتور رفعت قد أفرغ كل ما فى جعبته من أمثلة وأحداث قريبة فى تناول الفتنة الطائفية فراح يفتش فى التاريخ محدثا إيانا عن وثيقة تعود إلى أربعة قرون فى محاولة لتكريس وتأكيد وجهة نظره بأن الأقباط مضطهدون ليس فى التاريخ المعاصر أو فى الماضى القريب فقط وإنما على مدار تاريخ الإسلام. بعبارة أخرى أن ظهور الإسلام كان وبالا على المسيحيين.. فالمشكلة من وجهة نظر الدكتور السعيد ليست فى التطرف الإسلامى أو فى فهمنا للإسلام وإنما فى الإسلام ذاته، على نحو يذكر بما ذهب إليه المفكر الأمريكى الراحل هنتنجتون فى كتابه «صدام الحضارات» من أن المشكلة ليست فى المسلمين وإنما فى الدين الإسلامى.

ليس المجال هنا للدفاع أو التأكيد على وجود اضطهاد للأقباط من عدمه، وإنما انتقاد المشروع الأيديولوجى للدكتور رفعت السعيد الذى يقوم على التحامل على الإسلام متخذا من قضية الأقباط رافعة له، على نحو ما فعل المغامر الفرنسى دو لاسكارياس (1774 – 1817) خلال الحملة الفرنسية على مصر من العمل على اتخاذ المسيحيين رافعة لمشروعه السياسى. ومن خلال متابعة متأنية لكتابات السعيد يمكن للمرء أن يخلص إلى أنه فى رؤيته للإسلام يعلى بشكل كبير من مفهوم «الجهاد».. الذى يطبقه على أفضل ما يكون ولكن فى مجال الجهاد فى مناوئة الإسلام ذاته!!! ولذلك فإنه لك أن تتوقع أن يتحول الدكتور من اليسار إلى اليمين، ومن الشيوعية إلى الليبرالية، ومن حزب التجمع إلى حزب التفرق، ومن معارض للنظام – أى نظام – إلى مؤيد له، ولكن ليس أن تتوقع أن يغير الدكتور السعيد موقفه الذى دأب على تكريس جهده وفكره له من الإسلام!

أذكر أننى خضت نقاشا مع كاتب – قبطى – منذ أسبوعين حول ما رأيته نبرة عالية فى مقال كتبه رأيت أنها تزيد الموقف احتقانا، فى وقت نحن أحوج فيه إلى التآلف وتجاوز آية مزالق على هذا الطريق، فما كان منه إلا أن أكد لى أنه حاول قدر الإمكان أن يخفف من مستوى ما كتب ثم راح يقول: إن هذا أقل بكثير مما كتبه الدكتور السعيد.. إن ما يكتبه نار!!

من الغريب أنه بقدر ما يزعجنى الدكتور السعيد، بقدر ما تزرع فى قلبى الطمأنينة أراء وأقوال المسئول الأول عن شئون الأقباط فى مصر البابا تواضروس الرجل الذى أرى أن نهجه لو ساد على مستوى المجتمع بأكمله – مسلمين وأقباطا – لأمكن لنا أن نشهد مصر آخرى. فهل نطمع أن يستلهم الدكتور السعيد رافع راية الدفاع عن الأقباط قدرا من الحلم من هذا الرجل؟. وهل نكون أكثر طمعا ونأمل أن يبعد الدكتور الأقباط عن تناوله مع منحه كل الحرية فى مهاجمة الإسلام أينما يريد وكيفما يريد؟

[email protected] com