رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فى رواية «السكرية»، الجزء الثالث من ثلاثية نجيب محفوظ، وفى حوار بينهما حول طرد مكرم عبيد من حزب الوفد، يعبر «رياض قلدس» لصديقه «كمال عبد الجواد»عن  قلقه  البالغ من أن يؤدى فصل «مكرم عبيد» من الوفد إلى تنامى مشاعر العداء ضد الأقباط . وحين يبدى «كمال عبد الجواد «دهشته من ذلك، يقول له رياض: أشعر أحيانا أن المسيحية وطنى وليست دينى، لا تؤاخذنى، فقد نشأت فى بيوت لا تخلو من ذكريات سوداء.

 تذكرت هذا المقطع من رواية  السكرية، بعد أن قرأت الخبر المزعج  المنشور فى الصحف، عن أن الناشط الحقوقى مجدى خليل، يدعو لتنظيم مظاهرة الشهر المقبل، أمام البيت الأبيض فى واشنطن احتجاجا على ما يسميه اضطهاد الأقباط فى مصر. سبب الانزعاج أن الدعوة تستدعى صراحة  الولايات المتحدة للتدخل لإضفاء الحماية على الأقباط فى مصر،. لم يتوقف الناشط الحقوقى أمام المعنى السياسى الخطر والعدائى لتحركه، ولعله بات يردد لنفسه  أن المسيحية وطنه وليست دينه، وإلا ما كان أقدم على تلك الدعوة، ودعا بدلا منها لمظاهرة أمام قصر الاتحادية فى القاهرة.

رفض مثل هذه التحركات العدائية لن يحول دون تكرارها، طالما بقيت المعالجات التنفيذية لما يجرى فى محافظة المنيا من تهجير قسرى للمسيحيين وقتلهم وتعرية نسائهم وذبح رهبانهم وحرق كنائسهم وهدم منازلهم، عاجزة عن الفهم الحقيقى لمغزى تكرار تلك الحوادث فى محافظة واحدة دون غيرها، ورافضة لتعديل سياسة التصدى لتلك الجرائم، وقصرها على جلسات الصلح العرفية التى تؤجل المشاكل ولا تقضى عليها.

ليس فى الأمر ما يستحق تشكيل لجان تقصى حقائق، حتى ندرك أن التيار السلفى الذى لا يتوقف قادته فى كل المحافظات عن التحريض على غير المسلمين، يسيطر على قرى محافظة المنيا، وهو الذي يطلق الشائعات ويغذيها عن علاقات عاطفية أو معارك طفولية بين صبية، أو بناء كنيسة ،ويسعى لتحويلها إلى فتنة طائفية  لتختلط الأوراق، ويتوه الجناة، ويهدد الشهود والمجنى عليهم لتعديل شهادتهم عن الجريمة، لتأتى جلسات الصلح العرفية لتخمد معركة، بينما الحرب مستعرة فى القرى وفى القلوب، فإذا ما تم اللجوء إلى القانون، بالذهاب إلى القضاء، تطول فترات المحاكمة لأمد غير محدد. هذا فضلا عن التحريض الذى تمارسه جماعة الإخوان بعد فشل خططها فى تدمير مؤسسات الدولة ،فقد بات إشعال نيران المجتمع بالفتن الطائفية، هو الباب الملكى لنشاطها المريض. وإذا كانت الدولة راغبة فى وأد تلك الفتن فى مهدها، ومنع تكرارها، فعليها أن ترفع يدها عن الحماية التى تضفيها على التيار السلفى، لأن توقيعه على خارطة المستقبل، لم يكن شيكا على بياض، يسمح له بالعمل على تغيير هوية المجتمع، وزرع بذور الفتن الطائفية.

وفى المنيا فإن الحاجة باتت ملحة لدعم نقاط الشرطة فى المناطق التى تتكرر فيها هذه الحوادث، وتطهير الأجهزة التنفيذية فى مواقع إصدار القرار، وتنفيذه من العناصر المتعصبة  وإسراع البرلمان فى مناقشة قانون بناء وترميم الكنائس، الذى أوصى الدستور بإصداره فى دور الانعقاد الأول، وقد أوشك الدور على الانتهاء ولم يناقش ولم يصدر، هذا إذا كنا نريد حقا لرياض قلدس وأقرانه التوقف عن قول إن المسيحية وطنى لا دينى!