رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

زمان، فى سنوات طفولتى الأولى كنت أنقم على الإنجليز بفعل ما كنت أسمعه من أبى – رحمه الله – عن ممارساتهم خلال احتلالهم مصر.. كان يذكر الكثير من المواقف البغيضة للاحتلال البريطانى من واقع معايشته لهم حيث كان يعمل في منطقة «القنال» -  كما كان ينطقها - فى السنوات الأخيرة لما قبل ثورة 1952، غير أننى عندما كبرت بدأت أعتبر أن الإنجليز أولئك هم أعداء أبى وليسوا أعدائى، فقد بدأت على أرض الواقع أعايش عدواً آخر وعيت على الدنيا وهو يزرع الخوف فى قلوبنا.. كانت البداية خلال عدوان 67 حيث ما زلت أتذكر الوقائع كما لو كانت بالأمس رغم مرور أكثر من خمسين عاماً، ما زلت أتذكر، صافرات الإنذار وهى تدعونا إلى اللجوء إلى المخابئ، نحن سكان القاهرة، فما بالك بمدن مثل مدن القناة الثلاث التى كانت مسرحاً للعمليات العسكرية.

على وقع ما حدث آنذاك وتطورات ما بعد تلك الحرب أتصور أنه انغرس فى عقل المواطن المصرى خاصة والعربى عامة كراهية إسرائيل باعتبارها العدو الذى ينبغى أن نكرس كل الجهود لمواجهته، انعكس ذلك فى كل السياسات الرسمية والمواقف الشعبية حتى أصبحت إسرائيل الشغل الشاغل لنا نحن العرب والمصريين فى كل المحافل الدولية والإقليمية والمحلية.

اختلف مع السادات كما تشاء لكن لا يمكنك إنكار أنه الرجل الذى واصل مسيرة مواجهة آثار هزيمة 1967 ونجح فى حرب أكتوبر عام 1973 فى استعادة جزء من الأرض، رغم أنه هو الذى غرس بذور التحولات التى آلت إليها الأمور اليوم على صعيد العلاقة مع إسرائيل، فعلى وقع بعض الرؤى التى تغلغلت إلى فكره بفعل نشوة نصر أكتوبر، بدأ السادات طريقاً للسلام كانت نتيجته بدء قبول اندماج إسرائيل فى المنطقة رغم غربتها عنها، ومع ذلك فقد ظل سلام السادات الذى واصله مبارك بارداً رغم محاولات تدفئته.. اسأل أى مواطن مصرى فلن تجد لسان حاله يقول لك سوى سلام أم غير سلام فإن «ما فى القلب فى القلب يا إسرائيل».

غير أن المتابع لمسار تطورات الموقف على الساحة المصرية مؤخراً يمكن أن يلمس أن هناك تحولاً جديداً يطرأ على مفهوم العدو، فى ضوء ورود وافد جديد أصبح يحتل وضع إسرائيل كعدو، ذلك الوافد هو الإرهاب، راجع كافة تصريحات مسئولى المؤسسات السياسية الرسمية المصرية ذات العلاقة يمكنك بسهولة أن تدرك ذلك.. إلى الحد الذى حاول معه البعض، فى ضوء هذا التطور، التلميح إلى تحول وضع إسرائيل لمرتبة الحليف الذى يشارك فى الوساطة فى قضية حيوية للمصريين وهى مياه النيل مع الإثيوبيين، الأمر الذى كان حسب أصحاب هذا الرأى، يعكس مغزى زيارة وزير الخارجية سامح شكرى منذ أسبوع لتل أبيب.

مشكلة هذا العدو – الإرهاب - أنه كيان هلامى ومطاط ويصعب التعامل معه، وإن كانت قد بدأت تتبلور دراسات عديدة بشأن التنظير له، خاصة فى الغرب، المشكلة الأكثر أهمية أنه يتم ربطه بالإسلام فى ضوء الاتهامات لأغلب من يقومون به بالقيام بأعمالهم تحت دعاوى إسلامية، وهو ما يصعب من مهمة الفصل بين الإرهاب والإسلام.. حتى أصبح هناك ربط لدى الكثيرين بين محاربة الإرهاب ومحاربة الإسلام، واعتبارهما وجهين لعملة واحدة، رغم ما فى هذا التصور من شطط، ورغم ما فى الطرح الذى أقدمه من اختزال مبتذل لفكرة أتصور أنها تتطلب جهدا بحثيا ودراسيا كبيرين.

[email protected]