رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

المتتبع لما يجرى فى مصر على مدى الفترة الأخيرة يلحظ بسهولة معايشتنا لمجموعة متتالية من الأزمات المتلاحقة التى تثير الدهشة والتساؤلات بشأن أبعاد ما يجرى.. فنحن لا نكاد نخرج من الوقوع فى «ساقية»، حتى نجد أنفسنا كما يقول المثل نقع فى «دحديرة».. سرد الأزمات التى عشناها على مدى عام أو أكثر قد يستغرق سطور هذا المقال، ولذلك اكتفى بالإشارة إلى بعضها.. بداية لا يمكن إغفال أزمة سد النهضة التى تكاد تكون مزمنة واستفحلت مؤخراً لتصل إلى مرحلة فرض أمر واقع على مصر، ثم أزمة الأطباء مع الشرطة، ثم أزمة الحرائق المنتشرة فى ربوع مصر، هذا إلى جانب أزمة الطالب الإيطالى، وأزمة سقوط الطائرة الروسية فى شرم الشيخ، وكذلك أزمة الطائرة المصرية فى باريس، مرورًا بأزمة نقابة الصحفيين مع الداخلية، وليس انتهاء بأزمة فتنة المنيا أو تسريب امتحانات الثانوية العامة.

أحياناً أشعر بالعطف والشفقة على صانع القرار وتتمثل أمامى مقولة: لقد اتسع الخرق على الراتق.. والأمر كذلك بالفعل، فاتساع نطاق الأزمات أصبح يفوق قدرة أى شخص أو نظام على تحمله ولو أننا ننطلق فى تفكيرنا فى التعامل مع هذه الأزمات من منظور قدرى لتصورنا أن هناك دعوات من أمهاتنا بعدم التوفيق فى إدارة البلاد. كيف يمكن لرئيس أو رئيس وزراء أو مسئول كبير أن يمضى يومه، وهو يتحسب فى كل دقيقة تمر لكارثة ستحدث بين لحظة أو أخرى، أتصور أن ذلك أمر قد يكون فوق التحمل.

ولعل ذلك- توالى الأزمات واتساع تأثيرها وخطورتها- هو السبب الذى دفع البعض إلى التأكيد على وجود مؤامرة تحيق بمصر لإركاعها وكسر شوكتها. ورغم أن فكرة المؤامرة واردة وتعتبر جزءًا طبيعيًا من العلاقات بين الدول، إلا أن الركون المطلق إليها قد يقوض أى محاولة ناجحة للتعامل مع الأزمات التى نواجهها ويجعلها تتواصل فى شكل: عرض مستمر، وإذا كانت «مصر الدولة» عرضة لأن تكون مطمعاً للمؤامرات فإن «مصر ما بعد يناير» أقل إغراء لمثل هذا النوع من المخططات.

ليس المجال هنا متاحًا للتفصيل فى شرح أبعاد كل أزمة، وما إذا كانت نتاج مؤامرة أم سوء أداء، غير أن التأمل فى طبيعة الأزمات يشير إلى أن الغالبية العظمى منها ينبع من سوء الأداء الذى يتطلب وقفة مع الذات قبل السعى لإلقاء التبعة على الآخرين. خذ عندك تسريب امتحانات الثانوية العامة.. أين المؤامرة فى تلك العملية؟ خذ أزمة نقابة الصحفيين مع الداخلية، وكذلك أزمة الأطباء.. من الصعب القول إنها نشبت بفعل مؤامرة من الخارج، بل إن التعامل معها من البداية بشكل يتسم بالحكمة كان من الممكن أن ينتهى إلى «لا .. أزمة على الإطلاق». ليس دفاعاً عن الخارج بمفهومه الواسع، والقول إنه قد يكون بريئًا من تدهور الأحوال فى مصر، وأن الأزمة «مننا فينا» .. وأن أغلبها يعود لأسباب تتعلق بحالة الارتباك التى تسيطر على أداء الأجهزة الرسمية انعكاسًا لما يمكن وصفه بـ«الصواميل» المفككة التى تحتاج إلى ربط.. وتلك هى الأزمة الحقيقية. 

[email protected]