عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

انتاب كثيرون ممن تابعوا خطاب الرئيس السيسى يوم الأربعاء الماضى، قلقاً بالغاً من نبرات الحزن والمرارة والأسى التى شابت لهجته وهو يتحدث، فضلاً عن علامات الإجهاد والإرهاق التى علت قسمات وجهه، وغللت نظرات عينيه. تحدثت لغة الجسد أثناء خطاب الرئيس، بقوة فاقت المفردات والمعانى، وفاضت، وربما بدت أكثر صدقاً وقرباً إلى النفس من الكلمات.

يحق للرئيس السيسى، بطبيعة الحال، أن يغضب من بعض ردود الفعل المتجاوزة والمتطاولة، بقصد ودون قصد، التى تناولت قضية الاتفاقية الخاصة برد جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية، برغم أنها لا تزال أمامها خطوتان، الأولى موافقة مجلس النواب عليها كى تغدو نافذة، والثانية حسم الجدل القانونى السائد والمتناقض، حول مدى انطباق المادة 151 من الدستور على هذه الاتفاقية. وتنص هذه المادة على أن رئيس الجمهورية هو ممثل الدولة فى علاقات مصر الخارجية، وفى إبرام المعاهدات والتصديق عليها، بعد موافقة مجلس النواب، ودعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح، وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد أن تأتى نتيجة الاستفتاء بالموافقة. ولا يجيز النص إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة.

يحق للرئيس أن يغضب، لأن حجم المشاكل التى ورثها لاحدود له ولها، ولأن المصالح المتضاربة تعترض كل خطوة يخطوها نحو حلها، وربما يضاف إليها صراع لا يخفى على أحد بين الأجهزة، لتثقل الأحمال، وتكبر التحديات. لكن ما لا يحق أن يغضب منه الرئيس، هو الحملات المنظمة التى تقودها ميليشيات الإخوان الإلكترونية، وأذرعها المدنية فى الداخل والخارج بجانب الباحثين عن دور بعد أن خبا بريقهم، ولم يعد لديهم ما يثبت أنهم ثوريون، سوى الترصد لرمز الدولة، ولأجهزتها، ونشر الشكوك وترويج الشائعات، فتلك جميعها أمور متوقعة ومستمرة وغير مفاجئة. هذه الحملات التى سادت وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام الفضائى، ما كان لها أن تجد صدى لدى كثيرين، لولا أنها اقتنصت أخطاء حقيقية فى إدارة هذه الأزمة وغيرها، وضخّمتها، ودورتها لصالح أهدافها، فى أجواء تغيب عنها المعلومات، ويسهل فيها تغييب العقول!

أدرك الرئيس السيسى الجانب الإيجابى من غضب قطاعات واسعة من المصريين، لتوقيع تلك الاتفاقية، بوصفه محبة غامرة منهم لوطنهم، ولهفة على صيانة ترابه وسيادته، لكن التفسير الذى ساقه لتغييب الرأى العام، وعدم إشراكه فى العلم بهذه الاتفاقية قبل توقيعها، خشية امتداد السجال حولها شهور، بما قد يسىء للمصالح المصرية والعلاقات المتميزة مع الشقيقة السعودية،هو تفسير يتناسى خبرة الرئيس العملية مع الشعب المصرى، الذى أثبت من قبل، أنه يملك من الوعى، ما يمكنه من تفهم دوافع مثل هذا النوع من الإجراءات، لو كان طرفاً فى مناقشتها، ذلك أن الشفافية هى أمضى سلاح لبناء جسور الثقة بين الدول الصديقة والمتحالفة، وبين الحاكم والمحكوم وهزيمة مخططات المتآمرين فى الداخل والخارج للإيقاع بينها.