رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منذ 4 سنوات تقريبا وفى ذروة المد الثورى – أوائل 2012–كتبت مقالا فى الوفد أنتقد فيه شخصية وزير العدل المقال مؤخرا أحمد الزند، ولأننى كتبت رؤيتى من القلب فقد كانت بالغة الحدة على نحو بدا فيه انفعالى ضد الرجل. وقتها أبدى الأستاذ سليمان جودة رئيس التحرير آنذاك تحفظه على ما ورد فى المقال وطلب منى تهذيبه مؤكدا لى أنه يحرص فى ذلك على مصلحتى، حيث إنه لا يرى غضاضة فى نشر المقال غير أنه يخشى أن يكون مصيرى الحبس كصحفى فى قضية رأي. من الغريب أن ذلك الجانب – حبس الصحفيين هو الذى فجر من خلاله الزميل حمدى رزق قنبلته مع الزند فى الحوار الذى انتهى بإقالة الوزير حين راح «رزق» يسأل الزند : وهل تحبس صحفيين؟ فكانت الإجابة الصادمة.

كانت المرة الأولى لى التى اضطر معها لعرض ما كتبته على مستشار قانونى فى مجال الصحافة خروجا من أى تبعات قانونية قد ترتب آثارا تنتهى بى إلى السجن وهو ما اضطررت معه إلى تخفيف بعض العبارات حتى يجد المقال طريقه إلى القارئ دون مشاكل وكان عنوانه «فن إشعال الأوطان» بعد حذف الإشارة لاسم الزند فى عنوان المقال.

بعد هذا المقال طويت الزند من ملف كتاباتى باعتبار أنه ليس سوى أحد أعراض ظاهرة أبسط ما يمكن قوله بشأنها إنها تعبر عن تطور سلبى على صعيد ممارسات الحياة السياسية فى مصر. كانت المرة الأولى التى أرى فيها الزند بعد ثورة يناير فى حوار تليفزيونى مع إحدى الفضائيات.. لم أكن أعرف اسمه أو لقبه أو من ذاك المتحدث.. لفت نظرى بجرأته وحدته وغرابة آرائه وبعد نهاية البرنامج عرفت أنه أحمد الزند رئيس نادى القضاة تقريبا فى تلك الفترة.. كان من اللافت أو ما بدا مستفزا لى دفاعه المستميت عن نظام مبارك فى وقت لم يكن يجرؤ فيه أحد على الحديث بشكل أو بآخر عن ذلك النظام سوى بالسلب. ساعد ذلك على تكوين صورة سلبية له لدى اعترف أنها حكمت مواقفى منذ تلك اللحظة حتى الآن.

مع تعيين الزند وزيرا للعدل لم أملك أن أمنع نفسى من كتابة تعليق صغير على حسابى على الفيس أعلن فيه تحفظى على تلك الخطوة.. ودخلت فى مشاحنة فكرية حامية الوطيس مع صديق عزيز لى راح يرحب بحرارة بالزند ويرى أن الناس تتجنى عليه فى موقفها الرافض له.

قد لا يكون من النبالة أو حسن الخلق الآن التطرق لما أراه جوانب سلبية تتعلق بالرجل باعتبار أنه–سياسيا–أصبح فى ذمة الله، رغم أن البعض قد يرى غير ذلك ويضيف أن مصيره ما زال فى الأرض باعتبار ما قد يتم من تطورات لا تحمد عقباها على خلفية موقفه برفض الاستقالة. غير أنى لا أجد مناصا من الإشارة إلى أنه على مدار فترة تولى الرجل الوزارة كان نموذجا يستهلك من رصيد الحكومة التى يشغل منصب وزارة أساسية فيها. كانت تصريحاته غريبة وتتسم بقدر من الفجاجة وعدم اللياقة وافتقاد الكياسة، بل والخروج عن المنطق ومن ذلك مثلا قوله إن دم كل جندى بالنسبة له يقابله عشرة آلاف مصري، بل ودعوته إلى محاسبة أب وأم أى مجرم يواجه تهمة الإرهاب، فى تجاوز لكل منطق بشرى وإلهى وهو ما كان الرد الطبيعى عليه ترديد الكثيرين للآية القرآنية «لا تزر وازرة وزر أخرى» فى إشارة إلى أن الإنسان غير مسئول سوى عما ارتكبت يداه.

محاولة تتبع مواقف وتصريحات الزند تكشف عن أن ملفه متخم بالغرائب والطرائف والعجائب، هذا بعيدا عن أية جوانب تتعلق باتهامات يحاول البعض تصعيدها ليس لنا أن نخوض فيها أو نتكلم بشأنها لكى لا نكون من بين المروجين لإشاعات وأكاذيب بغض النظر عما إذا كان سيثبت صدقها أم لا.

آتى إلى بيت القصيد ويتعلق بالأزمة الأخيرة الحاصلة على خلفية زلة لسان الزند والتى انتهت بالإقالة فأشير إلى أن العبارة التى امتلأ بها فضاء الفيس بوك حتى كاد أن يغرق لا تخرج عن الوصف الذى أشرت إليه وهو ما ذهب إليه كثيرون من كونه «زلة لسان».. فى تقديرى الشخصى أن الأمر لم يكن ليستحق بشأنها كل هذه الضجة خاصة بعد اعتذار الرجل عما أقدم عليه من قول. وأتصور أنها لو صدرت من شخص آخر لما توقف عندها الكثيرون مثل تلك الوقفة. ما أريد الإشارة إليه أن خصوصية الوقفة الجماهيرية الفيسبوكية نبعت من خصوصية الرجل، والذى يوجد لدى القطاع الأكبر من المواطنين صورة سلبية عنه ساهم هو بشكل أو بآخر فى زيادتها. وإذا كان شخصا مثل إبراهيم عيسى قد انتفض فى محاولة للإشارة إلى ما يراه الطبيعة السلفية أو الدينية للدولة بالتلويح بأن الزند قد أطيح به من منصبه بسبب ما اعتبره سلفية الدولة.. فإن ذلك يعبر عن طبيعة للدولة يحاول إبراهيم إلصاقها بها فى محاولة لتأكيد فكرة خاصة لديه.

ولعل تحليل تطورات الأزمة وطبيعة الشخصية المحورية فيها تكشف فى تقديرى الشخصى أن الزند لم تتم إقالته على خلفية ذلك التصريح وإنما على خلفية الرفض الشعبى له.. حتى أنه يمكن تشبيه مقولته بأنها القشة التى قصمت ظهر البعير، خاصة أنها تأتى فى وقت يحاول البعض خلاله إثارة الشبهات بشأن تراجع شعبية النظام ككل.. لقد فاضت السفينة بركابها وقد كان مما لا بد منه فى ظل تلك الحالة.. التخلص من أكثر الركاب وزنا أو وزرا.. والذى لم يكن فى حالتنا سوى.. الزند!

[email protected]