رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحتاج دائما إلى تكامل الجهود وتجانسها واتساقها وأن تسير معا في نفس الاتجاه نحو تحقيق الهدف المشترك، لأن عدم التجانس والإخفاق في أحد الجوانب يمكن أن يؤثر سلبا على المنظومة بأكملها، ويؤثر سلبا على إمكانية تحقيق الأهداف والتي نسعى إلى تحقيقها، ويمكن تطبيق ذلك على أزمة مياه الشرب في رشيد وهي أزمة متكررة كل عام ولا تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون تفاقمها وتلافي آثارها السلبية.

فقد اتخذت الحكومة قرارها الخاص بتشكيل لجنة تتولى رسم السياسات اللازمة والمناسبة لتنمية مدينة رشيد والتي تضم ثمانية وزراء، والسيد محافظ البحيرة، والسيد رئيس المركز الوطني للتخطيط واستخدامات أراضي الدولة وهو قرار صائب ويعكس أن الحكومة لا يقتصر اهتمامها بالعاصمة فقط بل تهدف أيضا إلى تنمية وتطوير الأقاليم والمدن والمراكز المختلفة وهو أمر إيجابي ويرتبط بخطة التطوير والتنمية الشاملة للوطن، ولكن في إطار هذه التغيرات الإيجابية على مستوى التخطيط تأتي بعض الوقائع التي تفسد الفرحة وتطرح آثارها السلبية على عملية التطوير، وتعتبر مشكلة مياه الشرب في المدينة الساحلية العريقة رشيد وما يتبعها من قرى من أهم السلبيات التي يعاني منها الأهالي في إطار أزمات متعددة أخرى يعانون منها، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الملاحظات التالية:

أولا: أن هناك شكاوي متكررة من أهالي مدينة رشيد وتوابعها بخصوص تلوث مياه الشرب وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي، فالماء والذي يعرف صفاته وخصائصه تلاميذ المدارس الإبتدائية بأنه سائل عديم اللون والطعم والرائحة يفقد هذه السمات والخصائص في رشيد حيث يؤكد الأهالي وجود رائحة كريهة بالمياه أشبه بزفارة الأسماك وتغير لون المياه إلى الأصفر مما يجعل من المياه غير صالحة للاستخدامات اليومية سواء في الشرب أو الطهي.

ثانيا: إن استخدام المياه بهذه الحالة المتردية في الشرب يؤثر على الصحة العامة ويؤدي إلى حدوث حالات من التسمم، كما يساعد على تفاقم بعض الأمراض، ويفسر ذلك بصرف معظم القرى برشيد في الترعة الرئيسية التي تغذي محطة مياه الشرب برشيد، ولذلك يقوم الأهالي باستخدام المياه المعدنية في الشرب والتي تمثل أعباء إضافية على القطاعات محدودة الدخل وخصوصا في الأسرة ذات الأعداد الكبيرة، كما تتأثر سلبا صحة من لا تتواجد لديهم الإمكانيات لشراء المياه المعدنية، ولعل التساؤل الهام في هذا الصدد هو هل يعتبر شرب كوب نظيف من المياه من أعمال الترف والرفاهية، أم إنه أبسط حقوق المواطن،فضلا عما يمثله ذلك من آثار سلبية على الإنسان والذي يعتبر هدف التنمية وأداتها في نفس الوقت.

ثالثا: إن قبول الخطأ والتغاضي عنه ينذر بمزيد من الأخطار، حيث ترجع مشكلة عدم سلامة مياه الشرب في رشيد وتوابعها إلى الصرف في ترعة مياه الشرب والتي تأتي من إدفينا وعلى امتداد قرى رشيد وهي مسافة تصل إلى قرابة 15 كم، وتوجد مواسير واضحة للصرف على ترعة مياه الشرب ويتم التغاضي عن هذه المخالفات والتي تعتبر من أهم أسباب تلوث مياه الشرب في رشيد، وإذا كان علاج هذا الوضع ينطوي على تكلفة تتمثل في إنشاء شبكة صرف في هذه المنطقة، فإن ترك الأمر دون علاج وتكرار عبر السنين سيترتب عليه تكلفة أكبر نتيجة لتفشي الأمراض والاحتياج إلى نفقات إضافية للعلاج فضلا عن التأثر السلبي لعملية التنمية.

رابعا: إن الأمر يحتاج إلى حلول جذرية وأن تؤخذ شكاوى أهالى رشيد من سوء حالة مياه الشرب بأعلى درجة من الجدية، حيث إن هذه الشكاوى متكررة عبر عدة سنوات دون أن تجد طريقها للحل، وإذا كان الأمر أكبر من قدرة المستويات المحلية على الحل سواء على مستوى المدينة والمركز أو على مستوى المحافظة فلماذا لا يتم اللجوء إلى الحكومة في هذا الشأن؟ فضلا عن إمكانية اللجوء إلى حلول غير تقليدية مثل تخصيص صندوق لهذا الهدف يقبل تبرعات الأهالي الراغبين في حل هذه المشكلة وتوجه حصيلته لهذا الغرض، وإذا كانت الطموحات التنموية لرشيد كبيرة من جانب الحكومة في المجال السياحي والصناعي والزراعي وفي مجال الطرق والآثار والاهتمام بالحرف اليدوية والتقليدية وزيادة الصادرات وما يترتب على ذلك من أثر إيجابي من الناحية الاقتصادية وتوفير فرص للعمالة مما يجعل من عملية التنمية أداة هامة لمكافحة الإرهاب، فإن هذه الطموحات التنموية يجب ألا تتأثر سلبا بالمشكلات التي تؤثر على صحة الإنسان وخصوصا مشكلة مياه الشرب، ونتوقع أن تجد هذه المشكلة حلا سريعا وعاجلا سواء من جانب المحافظة أو من جانب الحكومة والوزارات والهيئات المرتبطة بهذا الموضوع وخصوصا وزارة الصحة والبيئة وهيئة مياه الشرب وغيرها وألا يقتصر الأمر على ما تكرر من قبل وهو أخذ عينات من المياه من بعض الأماكن ويتوقف الأمر عند هذا الحد نتوقع أن يكون العلاج حاسما في هذه المرة، فمن غير اللائق بمدينة ساحلية عريقة يحمل اسمها أحد فرعي النيل في مصر ألا يتوافر لأهلها كوب مياه نظيف.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة