عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا حديث لن يكون مرضيا لليائسين والمتشككين وعديمى اليقين والعدميين،  واللامبالين ،لأنه ببساطة يبحث فى الظلام عن ضوء فى النفق، ويرى فى الكوب نصفيه الفارغ والمملوء، ويسعى كى يضىء شمعة ،بدلا من أن يكتفى بلعن الظلام، أما المتربصون فلا شأن لى بهم ، بعد أن تأكد لى أن اهمالهم هو الطريقة المثلى لإحباط ما يسعون لترويجه والتحريض عليه ،بعد ان اسفرت تهديداتهم السابقة عن لا شىء.

  ومع انتهاء الانتخابات النيابية  بكل مراحلها،اجتاز الشعب المصرى بنجاح إتمام الخطوة الأخيرة من  خارطة المستقبل، بعد اصدار الدستور والاستفتاء عليه، واجراء الانتخابات الرئاسية وسط ظروف بالغة الصعوبة ،تشى بأن المصريين عازمون  على الانتصار فى حربهم ضد الإرهاب، ومعارك البناء والتنمية والسير بخطى ثابتة لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تتفاعل مع مستجدات القرن الواحد والعشرين وتحدياته، مهما تراكمت الصعوبات وثقلت الضغوط. واتسعت دوائر التحديات.

استخدم المتابعون للانتخابات  النيابية، صيغاً مبالغة كثيرة فى وصف ظواهرها السلبية، من بينها  القول بأنها أغلى انتخابات ،للتمويل غير المسبوق على حملات المرشحين من  قبل المال السياسى، الذى لم تسطع اللجنة العليا للانتخابات أن تضبطه أو تراقبه بدقة وفقا للحدود التى وضعها القانون  للتمويل. وصيغة المبالغة تتجاهل أن المال لعب دورا مؤثرا فى كل الانتخابات البرلمانية فى مصر على امتداد أكثر من نصف قرن، لكنه اختلف هذه المرة فى بعض تفاصيله، فاختفت الرشاوى الانتخابية العينية ،واستخدمت  بعض الأحزاب  ما تملكه من فضائيات للدعاية لمرشحيها وأحزابها، ولم يقدم لنا من تحدثوا عن الانفاق الباهظ للمال السياسى احصاءات تدعم هذا الحديث اللهم بعض الشواهد التى لا تخلو من معنى ايجابى يعكس وعيا جديدا للناخبين ،الذين اعترف بعضهم بقبول أموال من المرشحين دون أن يمنحوهم أصواتهم تطبيقا للمثل الشعبى القائل» كل عيش حبيبك تسره ، وكل عيش عدوك تضره» وامتثالا لتضيق القضاة  على الناخب الساعى لتصوير بطاقة التصويت ، أو إحياء ظاهرة الكارت الدوار، وتحويل كل من يثبت تحايله على قواعد التصويت  إلى النيابة ، ولا يخفى على أحد أن المال السياسى يتحكم فى الحملات الانتخابية فى الولايات المتحدة وأعتى الديمقراطيات الغربية. وعلى ضوء هذه التجربة، بات من الضرورى أن يحظر حمل الموبايل أثناء الادلاء بالتصويت فى المرات القادمة.

وشاع فى الخطاب الإعلامى الناقد للانتخابات ،أن من بين سلبياتها  ضعف نسب التصويت ، وغيبة الشباب عنها بسبب  بروز ظاهرة  توارث العائلات للمقعد النيابى ، وغنى عن القول أنها ليست ظاهرة حديثة ،بل قديمة قدم مجلس شورى القوانين الذى أسسه الخديو إسماعيل عام 1866 ، واستمرت بعد ذلك فى مجلس نواب الثورة العرابية ،وما تلى ذلك من مجالس حتى برلمان    2010 ،وهى مسألة تقليدية شائعة يعرفها  علم الاجتماع فيما يطلق عليه «القادة الطبيعيون فى الأرياف». وليس صحيحا أنها ظاهرة تقتصر على مصر،ففى الولايات المتحدة الأمريكية توارثت أسرة كيندى وبوش وكلينتون المقاعد فى المجالس المحلية و النيابية وحتى المواقع الرئاسية.ولا يمكن فهم النجاح الذى حققه حزب مستقبل وطن  الناشئ والمقاعد التى حصدها أعضاؤه صغار السن، سوى أن تكون نسبة كبيرة من المصوتين لهم هم من الشباب المتهم بمقاطعة التصويت!

لا أحد يمكنه القول إنها كانت انتخابات مثالية ،لكن المؤكد أنها انطوت على جوانب ايجابية لا ينكرها سوى المتربصين. فهذه أول انتخابات تتسم بالنزاهة التامة وفقا للمراقبين المحايدين لها، وطبقا للمعايير الدولية، فلا وجود لحزب حاكم يسعى للهيمنة ،ولا سلطة تنفيذية تتواطأ معه فى هذا المسعى وتسخر مواردها من أجل دعم بقائه الدائم فى السلطة كما كان يحدث فى السابق، وتمكينه من الحصول على أغلبية كاسحة فى كل المجالس التمثيلية. وبرغم بعض الملاحظات  التى قيلت بشأن قائمة فى حب مصر والشائعات التى أحاطت بها ، فلا أحد يستطيع انكار أن التنظيم الفائق وحسن الاختيار لأعضاء القائمة ،كانا سببين رئيسيين فى نجاحها، فضلا عن  عامل مهم  آخر لعب دورا فى حشد التصويت لها ،هى شائعة قربها من الرئيس السيسى.

وللمرة الأولى فى تاريخ الحياة النيابية المصرية تسفر الانتخابات عن فوز 36 نائبا قبطيا 12 منهم عن المقاعدالفردية والباقى على قائمة فى حب مصر. وهى المرة الأولى أيضا التى تحصد فيها المرأة أكثر من ستين مقعدا بعضها كان على المقاعد الفردية فى المدن الكبرى وفى الأحياء الشعبية والقرى الريفية ، وتلك تغيرات جذرية فى اتجاهات التصويت لدى الناخبين المصريين تدعم  التوجه نحو صون حقوق المساواة وحقوق المواطنة.كما خلت هذه الانتخابات من ظواهر العنف التى لازمت معظم المنافسات الانتخابية السابقة، وتصاعدت حتى ارتكاب جرائم القتل، وليس هناك أدنى شك أن وراء ذلك، الدور البارز والمضنى  الذى لعبته قوات الجيش والشرطة فى تأمين اجراء كافة مراحل العملية الانتخابية.

اجتزنا بانتهاء الانتخابات النيابية مرحلة صعبة  نحو المستقبل،اثبتت لكل من تنقصه الأدلة إخلاص الدولة المصرية فى الوفاء بالوعود التى قطعتها لشعبها ،وبتنفيذ ما التزمت به أمام المجتمع الدولى للسير فى طريق الألف ميل نحو بناء مجتمع ديمقراطى. وبانتهاء هذه المرحلة ،تنتهى مهمة اللجنة العليا للانتخابات التى بذلت كل ما تستطيع من جهد فى ظروف غير مواتية، لتتشكل بعد ذلك الهيئة الوطنية الدائمة للانتخابات طبقا لما نص عليه الدستور.ومع بدء عمل مجلس النواب،علينا أن نستعد - دولة وناخبين وأحزاباً وقوى سياسية ـ لسد الثغرات والعيوب التى كشف عنها القانون الانتخابى، وقانون تقسيم الدوائر، وسد الثقوب القانونية التى تعرقل اضفاء الشفافية حول مصادر التمويل السياسى للحملات الانتخابية، حتى لا تتشكل لهذه المصادر مراكز نفوذ  داخل مجلس النواب، تتحكم فى السياسات العامة للدولة، وتحيد بها عن المسارات الضرورية نحو التنمية، وضمان العدالة الاجتماعية.