رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن نقرأ: سمعة المصريين فى الخارج بالنسبة لى مسألة مبدئية.. والسؤال هو: هل أنت كذلك أم أنك فى هذا الأمر «ممكن تعمل نفسك من بنها» بمعنى آخر «مش واخد بالك»؟!

إن تجاهل مايمس هذه «السمعة» على نحو ما جرى فى «الكويت» مؤخراً أمر مشين.. وتمنيت لو أن لدينا «دولة ورجالاً» على المستوى المطلوب، تجعلنا نزهو ونشعر أننا مبادئيون، ونقدس سمعة مصر، ونحميها من أنفسنا قبل أن نحميها من الآخرين، خاصة وأننا نباهى بأننا «الرواد» وأننا «العلماء» وأننا «المعلمون» وأننا اصحاب الحضارة التى أنارت عقول العالم من أوروبا إلى آسيا وفى القلب منهم القارة السمراء التى كانت حتى وقت قريب تسير فى ركابنا وتتلمس أثر خطانا.. زمن العمالقة: كوامى نكروما وأحمد سيكوتورى وهيلاسيلاسى ونيرير.

عدت إلى الكويت لتنفجر فى وجهى وقائع حادثة غريبة.. مازالت مثار جدل فى الشارع الكويتى وصحافته وبرلمانه. بطلها طبيب مصرى تردد أنه متعاقد حديثاً تعاقداً شخصياً مع دولة الكويت، ليعمل طبيباً بوزارة الصحة الكويتية، وتم تعيينه فى محافظة الجهراء، يعتبرها مواطنوها محافظه «نائية».. (مع أن المسافة لا تزيد على المسافة من شبرا المؤسسة إلى موقف أحمد حلمى بالقاهرة) وأعرب الكتاب فى الصحافة والنواب فى البرلمان عن أسفهم لما وصفوه بأن الحكومة ترسل لهم أطباء محدثين «يجربون» الطب فيهم.. مستدلين على ذلك بأن هذا الطبيب القادم حديثاً من مصر، تسبب فى وفاة مواطن كويتى، هكذا قالوا، بعد أن أجرى له عملية فى المعدة، أخطأ خلال إجرائها وقطع أحد الشرايين المهمة، ثم سارع بعلاج الخطأ، لكن المريض فارق الحياة بعد أن نقل إلى العناية المركزة!

بينما الضجة البرلمانية والصحفية قائمة، والغضب «الجهراوي» على أشده، قام الطبيب المصري- وقبل اتخاذ أى إجراء معه، وقبل أن يصدر بحقه أى قرار بالتحقيق معه أو بمنعه من السفر أو نحو ذلك - بالسفر إلى مصر (...) مما آثار حفيظة الجميع.. أما على مستوى كاتب هذه السطور فالقضية عندى شائكه جداً.. فربما لو كنت مكانه وأتكهن بما يمكن أن يحدث لى فى قضية رأى عام كهذه، (أقول ربما) فعلت مثله تماماً، ففى مناخ احتقان وغليان كهذا لا يدرى المرء ماذا يفعل وهل يلقى فى مثل هذه الظروف دعماً يحفظ له حقوقه الإنسانية أم أنه يترك بمفرده لمواجهة مصير وغضبة المواطنين، فيصبح «كبش فداء» فى قضية قد لايكون له فيها ناقة ولاجمل إلا بكونه تواجد فى المكان والزمان الخطأ؟! وبالتالى لا يجد من أحد رعاية ولا احتراماً لحقوقه وحرصاً على تحقيق عدالة قد تقطع بأنه مظلوم، وتبين أن ما جرى للمريض المتوفى أمر خارج عن نطاق الخطأ البشرى؟

وأقول أيضاً ربما امتلكت جسارة البقاء والدفاع عن سمعتى وسمعة بلادى إن أنا إمتلكت يقيناً بأننى قمت بكل ما ينبغى علىّ فعله فى أمر كهذا.. لكنى أنفذُ من هذا القول لأسأل إخوتنا فى السفارة والقنصلية المصريه بالكويت: هل تحركتم على أى نحو حين تناثرت الأنباء هنا وهناك عن الخطأ( المفترض) من الطبيب المصرى؟ هل استشعرتم شيئاً «ما»؟ هل كان لديكم أى حدس عن الموضوع وتطوراته؟ هل سألتم أنفسكم عما إذا كان «هروبه» أو حتى «خروجه الطبيعي» من الكويت يمكن أن يلحق الأذى بسمعته وبسمعة المصريين فى الكويت؟ يخطىء من يظن أن القضية مجرد «هروب أو خروج» طبيب متهم بالإهمال الطبى المفضى إلى موت مواطن، بمجرد أنه لم يعد تحت مقصلة العقاب وتطبيق القانون! مثل هذه القضايا - الجراح الغائرة لا فرق - تترك ندوباً غائره أكثر فى نفوس الآخرين، لا يعرف مداها إلا عند وقوع حادث آخر وساعتها حتى لوكان الضحية بريئاً فعلاً فإنه سيدفع الثمن السابق واللاحق!

صحيح أن سوريين وهنوداً وبنغالاً وآخرين كثر يفعلون نفس الحماقات لكننا نتحدث عن سمعة بلد عريق هو أكبر بلد عربى، والواقعة التى نتحدث عنها بطلها طبيب بلغ أقصى درجات النبوغ الدراسى!

هل أحلم إذا قلت إننى كنت أتمنى أن تمد السفارة والقنصلية مظلة حمايتها المعنوية للطبيب المتهم بالقتل، بحيث يخضع للتحقيق الذى أمر وزير الصحة الكويتى بإجرائه.. بحيث إذا ثبت «براءته» لا يتعرض لمكروه ولا يكون «كبش فداء»؟

بعد أن قرأت: لمَ لا أحلم.. وسمعة مصر.. وطنى ووطنك العريق على المحك.. ولكن فى الحقيقة نحن لا نتحرك أبداً إلا بعد أن تكون الكارثة قد وقعت بالفعل، والأنكى والأمر أنه وفى نفس الوقت الذى لاتزال فيه القضية حامية وساخنة فى الكويت، لم نسمع رأياً للدبلوماسية المصرية فى الكويت، ولا لسدنة العدالة وتطبيق القانون فى مصر!

لك الله يا وطنى الحبيب مصر!