رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما يعبر الإنسان عن قناعاته وأفكاره، بشكل منطقي أو عقلاني، قد يوصف بأنه يغرد خارج السرب، أو يسبح ضد التيار، خصوصًا عندما يكون مختلفًا في ما يعتقده مع تيار عارم يصعب مواجهته أو جموع لا تتقبل الحوار أو ثقافة الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية.

يمكن القول إنه ليس بالضرورة التماهي والتوافق مع الأفكار والمفاهيم والمواقف الجماعية، بشكل دائم، خصوصًا عندما تتعارض مع العقل والمنطق، لأنها في تلك الحالة قد تمثل ثقافة استسلامية تؤدي إلى الخنوع والاستسلام لرأي الجماهير العاطفي.

تلك الثقافة "الانهزامية أو الاستسلامية" ربما تؤدي إلى قمع الرأي الشخصي المستقل، وتحرم استخدام العقل من دراسة وتحليل الواقع وظروفه، لأنها ثقافة معارضة لنمط تفكير يقوم على الشك والبحث والاستدلال، ومن ثم الاستنتاج والوصول إلى الحقيقة.

لعل التساؤل المثير للاهتمام، هو متى كان إجماع الغالبية على رأي يعني أنه صواب، وما المعايير التي يقاس على أساسها أن غالبية الجماهير هي فعلًا مع ذلك الرأي؟ لأنه من الصعب أن نجد في أي زمان أو عصر، توافقًا أو إجماعًا كليًا ورأيًا موحدًا على قضية ما أو أشخاص بعينهم، لأننا سنكون وصلنا إلى مرحلة من التماهي والتطابق، لم يصل إليها السابقون أو اللاحقون.

إن الوضع الراهن تبدو فيه الأمور ملتبسة وأعقد مما يظنه كثيرون، لأننا نعيش في غياب شبه كامل للاستقلال الإعلامي والأكاديمي والثقافي، أو تحت تأثير إعلام منحاز لرواية محددة، واتجاه سياسي بعينه، يفتقر إلى التعددية الحقيقية.

وبما أن نصف الحقيقة يصعب دحضها، فإن لدى كل طرف ما يستند إليه في تدعيم انحيازاته الأيديولوجية والفكرية، خصوصًا أننا نعيش مأزقًا في التصنيف والتوصيف، في ما يتعلق بالقيم والمُثل العليا التي يتنافس على تملكها كل طرف.

إن قيم الديمقراطية والحرية والكرامة؛ على سبيل المثال؛ غير قابلة لأن يدَّعي أحد امتلاكها أو حتى اختزالها، فالشعوب ليست كتلة صماء في بازار سياسي، ولا تنتمي لطبقة واحدة أو تيار سياسي محدد، بل هي عبارة عن فسيفساء، قد يجتمع جزء منها، أو أغلبيتها، على مطلب محدد، في وقت محدد، والعكس صحيح.

ما يؤسف له أننا أصبحنا في مرحلة حرجة، تستطيع فيها أمواج الإعلام المتدفقة عبر وسائله المختلفة، بتغيير مسار أمة أو شعب، وتبديل أفكاره ومفاهيمه وقناعاته وسلوكياته، بشكل قد يؤثر في تشكيل رؤاه ومواقفه تجاه بعض الأحداث والقضايا.

إننا نحتاج إلى ترسيخ مفهوم الاختلاف وثقافة الحوار والابتعاد عن التشكيك أو التفتيش في النوايا، وألا نلجأ إلى إقصاء من نختلف معهم، لأننا مقبلون على مرحلة تتطلب الاهتمام بقضايا المجتمع ومكافحة الفساد والتركيز على البناء والأمل.

باعتقادنا، أن قول الحق دائمًا يحتاج إلى الشجاعة والصدق مع النفس، بدلًا من قلب الحقائق وصناعة الأوهام، لأنه لا يمكن لأي شعب النهوض أو تحقيق التنمية بمنأى عن المصارحة والمكاشفة والخروج من دائرة الدفاع العاطفي.