عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اليد المرتعشة والقوى الناعمة

كان لسنوات طويلة منبوذاً، موصوماً لتراكم أخطائه مع كل معلم، فيما الزملاء يتفوقون، قرر هذا اليوم أن يخوض المنافسة، دون دراسة أو استعداد، لما لا واليوم حر ومفتوح للجميع، أمسك بيد مرتعشة علبة الألوان وبدأ بالرسم لأول مرة دون تفكير فى الحقائق، أو فيما يجب أن يكون، رغبة منه فى الإبداع، إبداع أى شيء لإثبات وجوده،

رسم السماء لونها أحمر، السحاب أخضر، الأرض بنفسجية، الشمس مربعة الشكل، البيوت دائرية، أكملت اليد المرتعشة تلك اللوحة التي قلب فيها العالم رأساً على عقب، سلمها لأستاذ الرسم، صدم الأستاذ والتلاميذ، فكر في نفسه «لابد من تشجيعه، إن قلت رأيي الحقيقي قد تحبط تلك اليد، وتكره الرسم وتعود مجدداً للانزواء والعدائية»، فأسكت بأمر منه ضحكات التلاميذ الساخرة، ابتسم ابتسامة مفتعلة وملأ وجهه بعلامات الإعجاب وقال: «رائعة جميلة هذا فن راق جداً يذكرنى بدافنشي وبيكاسو ومايكل أنجلو، لدى يقين أن مستقبلاً جميلاً ينتظرك».
صدقت اليد المرتعشة ما قاله الأستاذ وصدقت فنها، ولم تلتفت الى وجوه التلاميذ الساخرة، قال صاحب اليد المرتعشة للمعلم: «أعرف هذا وأدرك إمكانياتي، لكنني كنت أشك دائماً بها، لقد خضعت لقوانينك كثيراً، والآن سأستجيب لقوانينى الخاصة، لقد خلطت الألوان بعضها ببعض ووضعتها بعشوائية على اللوحة أليس هذا بفن؟!!»، سكت الأستاذ والتلاميذ يتململون، يضجون بالسخرية والغضب من تكبر وجهل اليد المرتعشة، فكر الاستاذ فى الأساليب التربوية التي تعلمها: عليه أن يشجع، يحفز يذكر الإيجابيات ويتجاهل السلبيات، عسى أن ينجح بالفعل صاحب اليد المرتعشة، وتتوقف يده عن الارتعاش، فيرسم فى المستقبل لوحة أفضل، انصرف الولد، وفجأة سمع الأستاذ صوت صراخ الطلاب في ساحة المدرسة أطل برأسه من النافذة، كان صاحب اليد المرتعشة قد أزال اللوحة التي تحمل اسم المدرسة وعلق بدلا منها  «مدرسة اليد المرتعشة للرسم».
هذا تقريباً مضمون قصة قرأتها منذ فترة، لا أذكر من كاتبها وهل كانت فى كتاب أو مدونة إليكترونية، ولكنى أدرك تماماً مضمونها الذى نعيشه تفصيلياً فى زمن الإخوان، بعد صدقوا وهم أصحاب الأيدى المرتعشة أنفسهم، وتبارى أفراد جماعتهم فى سرد النجاحات والإنجازات الوهمية التى أنجزها السيد الرئيس وحكومته وقد مر عام تقريباً على انتخابه، وتجاهلت جماعتهم غضب الشعب ومطالبهم ومعاناتهم الاقتصادية، معاناتهم مع رغيف العيش، والمياه، والكهرباء، والبنزين، والأسعار الملتهبة التى قفزت الضعفين، معاناتهم السياسية عبر الإقصاء والتهميش لكل التوجهات السياسية الأخرى ما عداهم والاستئثار بكل مفاصل الحكم، معاناتهم الاجتماعية بالافتقار لأبسط الخدمات فى المصالح الحكومية المؤسسات، وقوفهم فى طوابير هذه الخدمات، دفعهم الرشوة للحصول على حقوقهم، معاناة الشعب الثقافية، بهيمنة الإخوان على مقاليد الثقافة سواء هم أو من يدينون لهم بالولاء، فتم إقصاء المثقفين، واتهام الفطاحل منهم بالفساد وإفساد الحياة الثقافية، لفرض وتمديد فكر متشدد بعينه على الحياة الثقافية حتى تختفى القوة الناعمة

المناهضة لكبت حريات الرأى والفكر والفن، لدرجة التدخل فى مسلسل تليفزيونى «الضابط والجلاد» لتغيير أحداثه حتى تتواءم مع الإخوان، معاناة الشعب الإعلامية، بفرض وزير إخونجى، لا يفهم من الإعلام سوى لغة «أنا قاعد على أنفاسكم»، ولغة همس الجوارى بدعوة الإعلاميات بان يأتين إليه ليرين الحرية على يديه.
ولأن الأيدى المرتعشة صدقت نفسها بأنها قادرة دون خبرة، أو حتى دون الاستعانة بأهل الخبرة، قادرة على إدارة البلاد بهذا الفكر المتحجر المتفرد الأوحد دون غيره، خسرت مصر تحت قيادة الأيدى المرتعشة الكثير والكثير على المستوى الداخلى والخارجى، وبدت ضعيفة مهانة القيادة أمام أمريكا وأوروبا وإسرائيل، أمام دول الخليج وحتى أفريقيا، وها هى الآن ستخسر مصر مصدر الحياة، ستخسر جزءا من نصيبها فى مياه النيل، ليموت الشعب والأرض وكل الأحياء المصرية ظمأ وجفافاً، ولأن الشعب لم يقنع بدور التلاميذ الغاضبين الصامتين المتوارين خلف ابتسامات السخرية، ها هو الشعب يتحرك كقوة ناعمة بكل أطيافه، ليخرج مجدداً للميدان فى 30 يونيو ويعلن بكل وضوح «لا لأيدى مرتعشة تحكم مصر.. لا لأيدى مرتعشة تقود أعظم شعب»، فاليد المرتعشة لن تبنى، لن تصنع، لن تحمى، لن تزرع، لن تكتب قراراً «صح».
القوة الناعمة ستواجه الأيدى المرتعشة، سنخرج للميادين بكل سلمية، بلا عنف مع «تمرد»، سنقول «لا» لمن خربوا ما بقى من مصر، لمن صادروا ما بقى من حريات، وكمموا ما بقى من أفواه، وأفقروا ما بقى فى جيوب البسطاء، هذا إن لم تنفذ الأيدى المرتعشة خططها الدموية التى واجهت بها دوماً احتجاجات الشعب منذ وصلت تلك الأيدى للسلطة، سلمية.. سلمية، سنخرج بها، سنقولها، ونتمسك بها، لن تخيفنا أسوار الاتحادية التى عليتموها، ولا الشوارع التى ستغلقونها، ولا المصفحات التى ستنشرونها، عليكم أن ترحلوا وتتركوا الساحة لأهل الخبرة، لن نسمح لكم بتعليق اليافطة «مدرسة اليد المرتعشة» عفوا أقصد «مصر اليد المرتعشة».