عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد محمود عثمان يكتب :المناخ الاستثماري .. وإشكاليات مصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

الاستثمار يبحث  دائما عن المناخ الآمن والقوانين والتشريعات التي تمنحه الحوافز والتسهيلات ، ولن يتحقق ذلك في بلد مضطرب أو غير مستقر أو متضارب القرارات

وهي السمات البارزة للمناخ الاستثماري الطارد، ولكن الطامة الكبرى أن يضاف إلى كل ذلك إشكاليات مصرية ما بين الروتين والقرارات غير المدروسة التي ضررها أكبر من نفعها لأنها تكبد الاقتصاد خسائر مضاعفة ، وتأتي بعكس ما تهدف إليه، ولا يمكن لأي اقتصاد مهما كانت قوته أن يتحمل هذا العبث ، فما بالك والاقتصاد المصري المهترئ الذي خرج من رحم الثورة ضعيفا وعاجزا ، ولإنقاذه علينا نعيد أو نستفيد من تجارب الناجحين مثل ماليزيا والصين والبرازيل في خططهم لتعظيم الاستثمارات الأجنبية وتوجيهها لتقديم عائدات تنموية ذات قيمة مضافة ، وهذا يتطلب بث الثقة وتكريس المصداقية مع المستثمر المحلى بالدرجة الأولى ؛ لأن المستثمر الأجنبي يفزع عندما يجد هجرة الاستثمارات المحلية للخارج ، باعتبار أن هروب الاستثمارات المحلية من السوق المحلي من أكبر وأخطر المؤشرات السلبية على المناخ الاستثماري غير المواتي وغير المناسب،  الأمر الذي يجعل من تدفق الاستثمارات الأجنبية مخاطرة غير محسوبة ولا يمكن المغامرة بها.. خاصة عندما تخرج الشركات الاستثمارية الكبرى من السوق ، أو عندما يصفي رجال الأعمال شركاتهم ، ويسارعون للخارج خوفا على استثماراتهم وعلى أرواحهم  ، تحسبا من الغياب الأمني أو فوضى الشارع ، وإهدار السلطة القضائية ، أو من ضياع هيبة الدولة ، وجميعها إشارات سالبة لا يمكن أن تكون جاذبة للاستثمارات الأجنبية أو مشجعة لاستمرار الاستثمارات الوطنية، في ظل المعناة منذ سنوات طويلة من نقص الاستثمارات والاتجاه إلى تغطية ذلك عن طريق الاقتراض الخارجي، مما تسبب في وجود أزمة المديونيات الخارجية، ومواكبة ذلك للمعاناة من حجم الفجوة بين المدخرات والاستثمارات المحلية التي تنخفض بمقدار النصف تقريبا عما هو مطلوب ، والذي يقدر بـ30% من الناتج المحلي الإجمالي ، حيث  تقدر المدخرات القومية للمصريين بنحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي فقط ، وهذه هي الإشكاليات الحقيقية أمام الاستثمار في مصر، التي تعد تكرارا لمأساة ما قبل ثورة 25 يناير، حيث أغفلت العقلية المصرية الوعي بأهمية تلك المفاهيم وتسببت في عدم توطين التكنولوجيا ، أو زيادة مهارة الأيد العاملة ،أو تنمية وزيادة الصادرات ، أو تطوير الصناعات الوطنية ، والمشروعات السياحية .
  ولا شك أن إدارة السلوك الاستثماري الحالية ليست بأفضل من سابقتها، إذا اخذنا لغة الأرقام معيارا للقياس ، فإذا كانت صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية في عام 2010 قد بلغت نحو 6.7 مليارات دولار، ومع أحداث ثورة 25 يناير  في عام

2010/2011 بلغت نحو 2.1 مليار دولار ، وتراجعت  خلال الشهور الستة الأولى من عام 2012 إلى  نحو 650 مليون دولار فقط تبعا  لبيانات البنك المركزي، على الرغم من أن الفرص الاستثمارية في مصر واعدة ، وتسعى العديد من الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي  لإنشاء علاقة جديدة مع مصر، ولكن التخوف من الممارسات  والسياسات غير الاقتصادية أثارت قلق الغرب والعرب، لأن قرارا واحدا غير مدروس بعناية يكلف الاقتصاد والبورصة خسائر تفوق بأضعاف مضاعفة ما يهدف إليه مثل هذا القرار الذي لم تقدر جيدا نتائجه وتأثيراته السلبية قبل الإيجابية.
فمصر تريد استثمارات كثيفة  في القطاعات الإنتاجية والبنية الأساسية، وبما يساعدها على تحقيق اكتفاء ذاتي بمعدلات مناسبة  على صعيد الغذاء والسلع الزراعية الاستراتيجية، وكذلك تحتاج مصر إلى صناعات تمثل قيمة مضافة عالية، تغير من هيكل صادراتها من المواد الأولية والصناعات التقليدية إلى الصناعات عالية التكنولوجيا، وهذا من حيث المنطق يمكن تحقيقه ، وبخاصة أن مصر تمتلك من الموارد البشرية والفنية ما يؤهلها لذلك ، ولكن يأتي الواقع مخالف للمنطق والطموحات ، لأن ما هو قائم يحتاج إلى تعديل وتوضيح وترسيخ لمعايير الثقة في الاقتصاد وفي القائمين عليه، ويحتاج إلى خطة جادة لمحاربة الفساد وتفعيل دور السلطات الأمنية لعودة الأمان والاستقرار للشارع ،  ووجود خريطة للاحتياجات الاستثمارية تقدم   للمستثمرين الأجانب طبقا للاحتياجات الفعلية للمرحلة الآنية وفي المستقبل القريب ، حتى لا تسيطر رغبة المستثمرين على قطاعات الاستثمار، وحتى لا تتأثر الاستثمارات والصناعات المحلية كما حدث في السنوات الماضية، وتوخي الحكمة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار ، لتوفير بيئة استثمارية رشيدة، بعيدا عن القرارات المتخبطة التي تثير الفزع والخوف في الأوساط المالية وبين رجال الأعمال.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية