عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضل العدل والمساواة

فضل العدل والمساواة
فضل العدل والمساواة

العدل والمساواة من صفات المتقين وإن العدل أمر لازم محتّم على جميع الثقلين، أمر الله به في كتابه وتكاثرت السنة النبوية الصحيحة في الحث عليه وكثر كلام السلف فيه وما ذاك إلا لأهميته.

 

قال -تعالى-: (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل:90]، وأمر الرسول أن يحكم بين الناس بالعدل، وأن يقول لهم ذلك.

 

كما قال -سبحانه-: (وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)[الشورى:15]، وأخبر -جل وعلا- أن العدل أقرب للتقوى من غيره فقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

 

والله -جل وعلا- أمر بالعدل في جميع الأمور حتى في القول باللسان: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)[الأنعام:152].

 

أخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: “إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قتلتم فأحسنوا، فإن الله محسن يحب المحسنين“.

 

وأخبر المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- بفضل أهل العدل وثوابهم كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: “إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا“. ‌

 

بل إن العدل يُدخل الجنة أو النار فمن عمل به دخل الجنة، ومن أعرض عنه دخل النار كما أخرج أبو داود في سننه من حديث بريدة قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: “القضاة ثلاثة؛ واحد في الجنة، واثنان في النار؛ فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجارَ في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار“.

 

 إن العدل واجب من المسلم مع جميع الخلق أيًّا كان دينه وأيًّا كان نوعه أو جنسه حتى مع الحيوانات، ولهذا جاء الإسلام بصور من العدل بين فئام الناس؛ فمن ذلك: المساواة بين الرجل والمرأة في أداء الواجبات الشرعية والإثابة عليها، ومنه العدل بين النساء لمن كان لديه أكثر من زوجة، وكذلك العدل بين الأجناس والأعراق في التمتّع بالحقوق المشروعة لكل منهما، وكذلك العدل بين الأبناء في الهبات، وكذلك العدل بين الخصوم في مجلس القضاء وفي سماع الحجة منهم، وكذلك العدل بين الناس في حق الكرامة الإنسانية فلا يُؤذى أحدٌ بسبب لونه، وكذلك العدل في حرمة الدماء والأموال والأعراض، وكذلك

العدل بين المسلمين بالمساواة بينهم في حضور أماكن العبادات…

 

واعدد ما شئت من تلك الصور؛ فالعدل أساس الدين، ولهذا حرَّم الرب -جل وعلا- على نفسه الظلم وجعله بين الناس محرمًا،  كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: “قال الله -تعالى-: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرمًا بينكم؛ فلا تظالموا“.

 

عباد الله: مَن وُهِبَ العدل فقد وُهِبَ شيئًا عظيمًا، قال ابن حزم: “أفضل نعم الله -تعالى- على المرء أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق وإيثاره“.

 

وإن مما يجب الحذر منه: الحذر من عواقب الظلم ومغبته؛ فإن للظلم عواقبَ وخيمة تجعل المسلم يحرص على العدل فَرَقًا منها أن تقع به، ومن ذلك قول ابن تيمية -رحمه الله-: “إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يُرْوَى أنَّ الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة“. انتهى.

 

 لو لم يكن في العدل فائدة إلا أنه صلاح للأعمال كما قال ابن تيمية: “بالصدق في كل الأخبار، والعدل في الإنشاء من الأقوال والأعمال تصلح جميع الأعمال وهما قرينان كما قال -تعالى-: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا)[الأنعام:115]، وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام، فالعدل نظام كل شيء؛ فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خَلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة. انتهى بتصرف.