عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأمم المتحدة وعدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية

نبيل السهلي
نبيل السهلي

لأول مرة يؤكد مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة على ضرورة توثيق آثار المستوطنات والنشاطات الاستيطانية على حياة الفلسطينيين وأرضهم ومصادرهم الطبيعية؛ وهذا يقودنا الى اهمية المسعى الى التهيئة لمعارك قانونية ضد المستوطنات وتفكيكها في نهاية المطاف.

فبعد النجاح الفلسطيني الجزئي على الصعيد الديبلوماسي والقانوني؛ والمتمثل بالاعتراف بفلسطين عضواً كامل العضوية في اليونسكو؛ يمكن تحسين الأداء على الصعيد المذكور بالاعتماد على عوامل عديدة؛ وفي المقدمة منها زيادة الوعي الشعبي في العالم والتعاطف الكبير مع حقوق الفلسطينيين؛ في وقت تفاقمت فيه العنصرية الإسرائيلية. وتبعاً لذلك يمكن للفلسطينيين خوض معركة ديبلوماسية ببعد قانوني ضد الممارسات والسياسات الإسرائيلية المطبقة على الشعب الفلسطيني؛ وقد يكون من باب أولى العمل بشكل مدروس وممنهج لوقف النشاط الاستيطاني والمستوطنات الإسرائيلية التي تعتبر وفق غالبية الدول في العالم على المستوى الرسمي والشعبي غير شرعية؛ ومن ثم العمل على تفكيكها بكونها معالم احتلالية. وقد تعزز القرارات الدولية التوجه الفلسطيني الجديد، حيث نصت القوانين الدولية على حماية حقوق المواطنين في أرضهم الواقعة تحت الاحتلال؛ فميثاق جنيف المدني لعام 1949 يشير في مادته (49) الفقرة السادسة إلى أن "القوة المحتلة يجب ألا تنقل أو تحول جزءاً من سكانها إلى الأراضي التي احتلتها". وتبعاً لذلك يعتبر النشاط الاستيطاني وعملية مصادرة الأراضي وضمها وبناء المستوطنات الإسرائيلية عليها في الضفة الغربية بما فيها القدس متعارضة ومنافية للميثاق المذكور وكذلك لنص المادة (47) من ميثاق جنيف؛ فضلاً عن تعارض النشاطات الاستيطانية وعملية الإحلال الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأبسط قواعد القانون الدولي وبشكل خاص لاتفاقية لاهاي الموقعة في عام 1907 واللوائح الملحقة بها والتي تؤكد بمجملها على ضرورة حماية مصالح الشعب تحت الاحتلال. وهذا ما ينطبق على سكان الضفة الغربية (2,2) مليوني فلسطيني بمن فيهم (310) آلاف في محافظة القدس. والملاحظ أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 لم تكتف بنقض القوانين الدولية المذكورة؛ بل ذهبت إلى ابعد من ذلك، حين قامت بالسيطرة على الأراضي الخاصة في الضفة الغربية التي نصت المواثيق الدولية على حمايتها ابتداء من ميثاق عام 1907 إلى ميثاق جنيف لعام 1949، حيث تمت الإشارة فيهما إلى منع عمليات مصادرة الأراضي الخاصة كلياً، والاستثناء الوحيد لأسباب أمنية؛ وحتى في هذه الحالة لا يجوز مصادرة الأراضي، بل يسمح بالسيطرة الموقتة عليها، بخلاف النقض الفاضح الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية بإقامة مبان سكنية دائمة لإسكان مهاجرين يهود؛ ونقصد هنا المستوطنات. وفي هذا السياق نشير إلى أن النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى بداية عام 2012 أدت إلى بناء (151) مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية تستحوذ على (350) ألف مستوطن إسرائيلي، ناهيك عن ست وعشرين مستوطنة تلف القدس بطوقين من المستوطنات ويتركز فيها أكثر من مئة وثمانين ألف مستوطن إسرائيلي، وصادرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أكثر من أربعين في

المئة من مساحة الضفة الغربية لمصلحة إنشاء المستوطنات والطرق الالتفافية، ناهيك عن سيطرة إسرائيلية على أكثر من ثمانين في المئة من مساحة مدينة القدس. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الجدار العازل الذي سيصل طوله إلى (720) كيلومتر وسيلتهم أكثر من أربعين في
المئة من مساحة الضفة الغربية ويعتبر هو الآخر من اكبر النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية غير الشرعية في عمق الضفة الغربية. وقد أكدت ذلك هيئات دولية عديدة في مقدمها محكمة العدل الدولية التي استصدرت قراراً يعتبر الجدار عملا إسرائيليا غير شرعي، وهو بذلك مناف للقوانين الدولية المشار إليها. وقبل ذلك كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة استصدرت القرار 2443/23 في التاسع من كانون أول عام 1968، ونص على إنشاء لجنة دولية للتحقيق في ممارسات إسرائيل تجاه حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمّ تسجيل عدة توصيات بناءً على القرار المذكور من أهمها: بطلان التصرفات التي اتخذتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وعاودت الأمم المتحدة التأكيد على القرار المذكور في عام 1977 وفي عقد الثمانينات من القرن المنصرم.
وفي مواجهة القوانين الدولية اتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 سياسات محددة للإطباق على الأرض الفلسطينية وشرعنة بناء المستوطنات عليها. فقد استصدرت السلطات الإسرائيلية الأمر العسكري رقم (10) الصادر في شهر تموز من عام 1967 والذي تمت من خلاله سيطرة إسرائيل بشكل مباشر على أملاك الغائبين؛ ونقصد هنا نازحي العام 1967؛ واستحدثت حارساً لأملاك الغائبين، وتم منع بيع أو تأجير تلك الأملاك دون موافقة السلطات والمؤسسات الإسرائيلية وفق القرار الإسرائيلي رقم (58). وبالنسبة للسيطرة التدريجية على أراضي الضفة منذ عام 1967، كان الأسلوب المتبع من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ التاريخ المذكور هو مصادرة مزيد من الأراضي لأغراض عسكرية. أما ذرائع إقامة المستوطنات الإسرائيلية فكانت تتركز حول حجج دينية تارة، واعتبارات تاريخية مزيفة تارة أخرى. لكن الأهم كانت ذريعة الاعتبارات الأمنية والدفاعية؛ وترتبط هذه الحجة إلى حد كبير بقدرة المستوطنات على القيام بدور خط الدفاع الأول عن إسرائيل.
ويبقى السؤال المطروح؛ هل يخوض الفلسطينيون معركتهم الديبلوماسية والقانونية ضد أهم رمز احتلالي يتمثل بالمستوطنات الجاثمة على الأرض الفلسطينية؛ أم ستبقى شعارات المصالحة والوحدة الوطنية لمواجهة التحديات مجرد رسائل شفوية تتردد بين الفينة والأخرى لكسب الرأي العام الفلسطيني؛ في وقت ازدادت وتيرة النشاط الاستيطاني وترسيخ فكرة يهودية الدولة على الأرض.
نقلا غن صحيفة المستقبل اللبنانية