عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب والجيش.. فى خندق الثورة

يشغلنى ـ ويشغل غيرى ـ قضية ماذا يأكل ثوار ميدان التحرير.. ومن يوفر لهم هذا الطعام.. تماماً كما يشغلنى تدبير الوجبات الغذائية لأفراد وضباط القوات المسلحة المتواجدين فى الشوارع والميادين.. فى القاهرة الكبرى وفى غيرها من المدن..

وبعيداً عن الذين أشاعوا من يقدم وجبات كنتاكى وعلبة عصير للثوار وكيف أثبتت الحقيقة أن طعامهم إما علبة كشرى أو رغيفاً وقطعة جبن بيضاء.. أو رغيفاً وقرص طعمية، أو حتى ساندوتش من المش وأن »اللقمة الهنية.. تكفى ألف مية..« بعيداً عن كل ذلك شدتنى ظاهرة ربما ينفرد بها الشعب المصرى.. تلك هى قيام الشعب بتقديم وتوفير وجبات غذائىة ساخنة.. ونصف ساخنة للجنود والضباط ووجبات جافة للثوار.. بسبب ضخامة عددهم.. وعدم إمكانية توافر أدوات لهذا الطعام الساخن.. وكيفية إعدادها..

** وما شدنى حقيقة هو هذه الوجبات الساخنة التى يقدمها الأهالى لأفراد قواتنا المسلحة.. مثلاً قال لى أصدقاء من دمياط إن العائلات الدمياطية تتسابق لتوفير ذلك.. بل كثيراً ما يجد أفراد الجيش المتمركزون فى الشوارع والميادين عدة وجبات مرة واحدة أو على مرات.. ولأن الدمايطة مشهورون بوجبة الأرز والسمك المشوى وبسبب سهولتها.. وسهولة تقديمها.. تسرع الأسر الدمياطية لطبخ الأرز وإرسال السمك للأفران.. وهكذا تجد قواتنا المسلحة حلل الأرز المفلفل وصوانى السمك المشوى وأطباق الطرشى وحزم الفجل والجرجير..

والدمايطة ينوعون فيما يقدمون للجنود والضباط.. النهاردة مثلاً أرز وسمك.. بكرة فراخ محمرة أو مشوية مع الأرز.. وبعده صوانى بطاطس باللحمة.. ثم صوانى مكرونة بالفرن.. ولا ننسى أكواب الشاى!!

** وللحرص على سلامة قواتنا يقول من يقدم هذه الوجبات لقائد الوحدة أو الدبابة أو المدرعة: هذا الطعام من بيت فلان.. وهذه هى بطاقته بالرقم القومى.. حتى لا يقلق الضابط من أى طعام..

وكثيراً ما يرفض الضابط أو قائد المجموعة قبول هذه الأطعمة قائلين إن عندهم طعامهم.. أو إن قيادتهم حريصة على توفير الطعام لهم.. وكثيراً ما يردون بعض الأغذية.. ولكن تحت إلحاح المواطنين يقبلون.

وزيادة فى بث الطمأنينة فى نفوس القوات تقوم سيدات وآنسات وشباب الدمايطة بتوزيع هذه الأطعمة عليهم فى مواقعهم بل وقدمت العائلات، كل عائلة بما تستطيع، البطاطين.. وقام بعض الدمايطة بتأجير غرف فى بعض الفنادق لكى يستريح فيها من هم ليسوا فى الخدمة.. ويستخدموا دورات المياه فيها..

وبالمناسبة يقوم الدمايطة بنفس الواجب للمتظاهرين الذين اعتصموا فى المدينة فى بداية الأحداث العظيمة..

ويذكرنى تلاحم الشعب الآن مع الثورة ومع قواته المسلحة، التى يراها الضمانة الوحيدة لحماية ثورة ميدان التحرير.. يذكرنى بمواقف شعبية رائعة خلال ثورة أحمد

عرابى.. فقد كان السلطان العثمانى يحدد عدد جنود هذا الجيش وعدد ضباطه بناء على معاهدة لندن 1840 التى قيدت سلطة مصر فى تحديد عدد قواتها، بعد أن هددت هذه القوات عرش السلطان العثمانى وأنزلت به العديد من الهزائم.. وبعد أن أصبحت على بعد فراسخ قليلة من الاستانة، عاصمة دولة الخلافة.. وحتى لا يتكرر ذلك تم تحديد عدد القوات المصرية.. وعدد المدمرات والفرقاطات البحرية بل وأيضاً عدد مدفعية السواحل فى الإسكندرية ورشيد ودمياط.

فلما اشتعلت الثورة العرابية لم يكن الجيش مستعداً كما يجب، خصوصاً بعد أن نزلت القوات البريطانية فى الإسكندرية.. وتقدمت للزحف على القاهرة هنا انطلقت عائلات مصرية عديدة.. وانطلق الشعب يقدم طواعية كل ما لديه من معدات تصلح للقوات المسلحة.. من خيول وبغال وجمال تصلح لنقل المعدات العسكرية.. وتقدم الشباب طواعية للخدمة العسكرية لمساعدة الجيش المصرى فى بناء الحصون وحفر الخنادق على طول جبهات القتال سواء فى الجبهة الغربية حتى كفر الدوار ونجح فيها الجيش المصرى فى صد القوات البريطانية.. أو فى الجبهة الشرقية غرب الإسماعيلية أى التل الكبير وغيرها.

** ليس هذا فقط بل يذكر التاريخ أن كثيراً من العائلات المصرية قسمت المطلوب من الشعب تجاه تسليح الجيش واعداده وتموينه.. وعندى أسماء هذه العائلات.. منها ما تعهد ونفذ تعهده.. بتقديم ملابس للجنود الجدد.. وتبرعوا بما عندهم من أسلحة ولو بسيطة.. وقدموا الحبوب والغلال والخيام والبارود.. بل تعهدت بعض العائلات بتجهيز كتائب كاملة بملابسها وأسلحتها وذخيرتها.. وغذائها.. وقدمتها كاملة للقوات المسلحة..

** وكل هذا يقدم لنا صوراً من دعم الشعب لقواته المسلحة على مر العصور فالجيش فى النهاية هو ابن هذا الشعب العظيم.