عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

1.2 تريليون جنيه ديون مصر و12 مليون عاطل و19 مليون مريض

بوابة الوفد الإلكترونية

حكمت المحكمة ببراءة مبارك ونجليه ورجاله ونظامه في قضايا قتل المتظاهرين، والفساد المالي في صفقة بيع الغاز لإسرائيل،

ولكن بقيت خطاياه التي كانت سببا في خروج جموع المصريين في 25 يناير 2011 مطالبين برحيله، خطايا لم تعاقبه المحكمة عليها، ولكن التاريخ سيظل أبداً شاهداً عليها، خطايا سياسية واقتصادية واجتماعية جميعها شاهدة علي رجل حكم مصر طوال 30 عاما، عاث فيها فساداً هو ورجاله، وعمل علي توريث الحكم لنجله، إلا أن مشيئة الله كانت في صف مصر وشعبها، هذه الجرائم ترصدها «الوفد» لعل المحاكمة الجنائية التي أغفلت هذه القضايا تعلم أن هناك كوارث أخري كان يجب أن يعاقب الرئيس عليها.
عشرات من قضايا الفساد المالي والسياسي انتشرت في عهد مبارك، عاني المصريون بسببها وانعكست آثارها علي الشعب المصري الذي أصبح نصفه تقريبا يعيش تحت خط الفقر، وأصابته الأمراض المزمنة جراء ما شاهده طوال الـ30 عاما، وإذا كانت المحكمة لم تعاقبه علي هذه الجرائم، فالتاريخ يجب أن يحاكمه عليها بدءًا من الفساد السياسي الذي أدي لسطوع نجم أحمد عز، والذي ظهر فجأة علي سطح العمل السياسي، ليتحول بين ليلة وضحايا من عازف درامز في إحدي الفرق الموسيقية إلي أمين السياسات في الحزب الحاكم، يمنح ويمنع، ويشتري بأموال الدولة إحدي أكبر شركات إنتاج الحديد المملوكة للدولة، ويقوم بتزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم، حتي كانت انتخابات برلمان 2010 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وتعددت الجرائم السياسية من تزوير الانتخابات إلي قتل الأبرياء، وكان آخرهم خالد سعيد أيقونة الثورة، والزج في السجون بكل من يعارض النظام حتي امتلأت السجون بحوالي 18 ألف معتقل عاشوا شتي أنواع العذاب داخل معتقلات النظام.
وتنوعت جرائم النظام بين قتل المصريين داخل السجون، والتستر علي الفساد، ففي قضية العبارة السلام 98 الشهيرة والتي راح ضحيتها 1400 مصري، ولم يتم عقاب صاحب العبارة ممدوح إسماعيل الذي هرب إلي خارج البلاد، ناهيك عن قضايا قتل المصريين في الدويقة، وقطار الصعيد وكلها جرائم لم يعاقب عليها النظام، هذا بالاضافة إلي الآفة الكبري التي حلت بالسواد الأعظم من المصريين بحلولهم لمستنقع الفقر، والتي اعتبرها النظام هدفا في حد ذاته لينشغلوا «بلقمة العيش» تاركين السياسة للحزب الحاكم ورجاله.
علي المستوي الاقتصادي كشفت دراسة أعدها الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن ديون مصر تضاعفت عشرات المرات في عهد مبارك، حيث تولي مبارك الحكم عام 1981 وكانت ديون مصر تقدر بـ2.5 مليار جنيه بلغت في نهايه عصره 1.2 تريليون جنيه، بينما تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار من 84 قرشا عام 1981، إلي ما يقرب من 6 جنيهات في أواخر عصر مبارك.
أما قضايا الفساد في عهده فقد شهدت العصر الذهبي لها، حيث ترعرع الفساد في ظل النظام الذي منحه صك الشرعية من خلال انتشار الزواج المحرم ما بين السلطة ورأس المال، فأصبح الفساد مقنناً، ودلت علي ذلك التقارير الدولية والمحلية، حيث تقدمت مصر في تقارير منظمة الفساد حتي احتلت المركز الـ115 عام 2009، كما أن هيئة النيابة الإدارية أكدت بعد ثورة 25 يناير 2011 أنها تحقق في 40 ألف قضية فساد تتعلق بالفساد المالي والإداري بالدولة.
وبما أن رأس الدولة كان بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت معروفة للجميع، فإذا كان الرئيس باعتراف المحكمة التي أصدرت حكمها ببراءته منذ عدة أيام قد تلقي ونجلاه 5 فيللات من حسين سالم، فقد انتشر الفساد في عهده ليصبح شيمة معظم رجال الدولة في عهده، حيث قام المختصون بمحافظة جنوب سيناء عام 2000 بتخصيص قطعة أرض تقدر مساحتها بـ2 مليون متر مربع بشرم الشيخ لحسين

سالم بسعر لا يتجاوز 20 جنيها للمتر، وقام سالم بإنشاء 250 فيللا عليها، باع الفيللا الواحدة فيها بسعر 11 مليون جنيه.
وإذا كان زكريا عزمي مستشار رئيس الجمهورية قد قال جملته الشهيرة في عهد مبارك وهي أن «الفساد في المحليات للركب» إلا أن الأيام أثبتت أن الفساد في عهد مبارك غطي العيون والعقول أيضا، فقد تم تجريف 1.2 مليون فدان أراضي زراعية، تمثل 20٪ من اجمالي الأراضي الخصبة في مصر التي كانت تقدر بـ6 ملايين فدان، وكل هذا تم تحت سمع وبصر المسئولين الذين لم يحركوا ساكنا، في المقابل انتشر الفساد في كل قطاعات الدولة حتي أصبح عنوانها، وتركزت الثروات في يد فئة قليلة قدرت بـ5٪ من الشعب المصري، في حين راحت الطبقة الوسطي تتآكل حتي انهارت تماما وفقا لما أكده الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء الأسبق في كتابه الذي صدر إبان عهد مبارك تحت عنوان «انهيار الطبقة الوسطي»، وأصبح حوالي 50٪ من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، بينما بلغ حجم الأموال المهربة للخارج حوالي 300 مليار دولار، جاء نصيب مبارك وأبنائه ورجال نظامه وفقا لبعض التقديرات لـ70 مليار دولار.
هذا بالاضافة إلي جريمة بيع شركات الدولة بأبخس الأسعار وتشريد آلاف العمال لصالح رجال الأعمال والمستثمرين، حيث تم بيع حوالي 236 شركة بسعر 33 مليار جنيه فقط في حين أن سعرها كان يقدر بـ270 مليارا.
أما علي المستوي الاجتماعي فقد انعكست الأموال الاقتصادية علي الحالة الاجتماعية فبدأ المجتمع المصري يعيش عصر الاضمحلال الاجتماعي والثقافي الذي انعكس علي لغة الحوار بين المصريين، وكثرت المشاجرات في الشوارع، واكتظت المحاكم بقضايا بلغ عددها حوالي 120 قضية، بينما زاد طابور البطالة ليضم حوالي 12 مليون شاب مصري، ووصل عدد الشباب والفتيات الذين تخطوا سن الزواج لحوالي 9 ملايين شاب وفتاة، وزادت حالات الانتحار حتي وصلت إلي 130 ألف محاولة سنويا، بينما سجلت حوادث الطرق أعلي معدلاتها ليروح ضحيتها 6 آلاف قتيل و35 ألف مصاب سنويا. هذا بالاضافة إلي أخطر جرائم نظام مبارك وهي قضية استيراد الأسمدة والمبيدات الكيماوية المسرطنة والتي أدت إلي اصابة حوالي 19 مليون مصري بأمراض خطيرة علي رأسها السرطان والفشل الكلوي والكبدي.
كل هذه الجرائم لم يعاقب عليها مبارك ونظامه، وبعد الحكم ببراءته أصبح الأمر في حاجة إلي من يحاكمه علي هذه الجرائم التي أكدت المحكمة عليها ولكن عملها اقتصر علي المحاكمة الجنائية فقط.