عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الطرف الثالث فى صفقات القطاعات الاستراتيجية

بوابة الوفد الإلكترونية

عندما صدر قانون تنظيم إجراءات الطعن علي العقود الموقعة بين الدولة والمستثمرين في صفقات بيع شركات يمتلك فيها القطاع العام حصة الأغلبية،  اقتصر حق الطعن علي طرفي العقد فقط، إلي هنا والأمر يبدو مقبولاً للبعض، لكن المشهد مغاير تماماً حينما ينتزع حق المواطن في التعبير عن موقفه في شركات تقع ضمن القطاعات الاستراتيجية، حتي لو كانت تتعلق بالقطاع الخاص.

مؤخراً شهدت شركات للقطاعات الغذائية والأدوية عروض استحواذ، من شركات عربية وأجنبية، وبسبب التجربة المريرة لعمليات البيع العشوائي التي تمت جزئياً وكلياً طوال السنوات الماضية وصل عددها إلي 400 شركة قدرت قيمتها في مطلع التسعينيات بـ 500 مليار جنيه، تم بيع حوالي نصفها بمبلغ خمسين مليار دولار فقط، في صفقات خاسرة تحيط بها الكثير من الشبهات.
صحيح أن عروض البيع المثارة للشركات حصة الأغلبية فيها لمساهمين ومؤسسات خاصة، بعدما تخارجت الدولة منها ضمن برنامج الخصخصة، إلا أنها تعتبر من الشركات الاستراتيجية، الذي سيتأثر ببيعها بصورة غير مباشرة السواد الأعظم من المواطنين.
المواطنون هم الطرف الثالث في أي عملية بيع تتم، خاصة إذا تعلق الأمر بشركات استراتيجية حتي لو كانت الشركات ملكاً للقطاع الخاص، الذي لا أحد ينتزع منه صفة الوطنية.
إذ وضع في الاعتبار أن نسبة المواطنين المدرجين تحت خط الفقر 26% من إجمالي السكان بما يعادل 22 مليون مواطن، دخلهم اليومي لا يصل إلي دولارين يومياً، وأكثر من 50% من هذا العدد علي حافة خط الفقر، فإن هؤلاء المواطنين قد يدفعون الثمن باهظاً بصورة غير مباشرة، إذ يتعلق الأمر بكيانات ذات طابع استراتيجي، فمع قيام المؤسسة المستحوذة علي مثل هذه الكيانات برفع أسعار منتجاتها من الخدمة التي تقدمها، ستكون تداعياته سلبية علي السواد الأعظم من المواطنين، فالمنتج المعروض وقتها لن يكون في المتناول، وربما هذه المخاوف دفعت الدكتور خالد حنفي وزير التموين والدكتور محمد عمران رئيس البورصة التدخل لدي المستثمرين الاستراتيجيين بشركة الدلتا للسكر بالعدول عن شطبها من سوق الأوراق المالية خوفاً من بيعها بعد الشطب.
بتحليل الشركات الاستراتيجية في قطاع الأغذية يتبين أن شركة «بسكو مصر» الذي شهدت عملية بيعهاً جدلاً كبيراً وصل إلي تقديم بلاغات بعملية وقف البيع، رغم أن الحصة المالكة من نصيب القطاع الخاص، إلا أن إنتاج الشركة لمنتجات غذائية تمس قطاع عريض من الجماهير، بمثابة المبرر القوي لرفض الشركة للبيع، نتيجة المخاوف بقيام إدارة الشركة فيما بعد برفع منتجاتها إلي بما يتجاوز قدرات النسبة الأعلي من الفقراء.
شركة «بسكو مصر» التي تستحوذ قطاعات من الدولة علي حصص تمثلها هيئة الأوقاف المصرية بنسبة 5.10%، ومصر للتأمين  3.84%، ومصر لتأمينات الحياة  3.17 %، لم تكن المشهد الوحيد بل من قبلها تردد عن تلقي شركة «رويجينا للمكرونة» عرض شراء من مؤسسة ألمانية، ورغم نفي كريم أبوغالي رئيس مجلس إدارة الشركة لذلك، إلا أنه سيطرت حالة من المخاوف بتملك المؤسسات والمستثمرين الأجانب إلي شركات القطاعات الاستراتيجية، الأمر الذي يهدد فقدان الدولة في السيطرة علي قطاعات تعد أمناً قومياً واقتصادياً، لا يمكن المساس به.
نفس الأمر للشركة العربية لمنتجات الألبان «آراب ديري» إحدي شركات قطاع الأغذية، التي تلقت عروضاً من شركة مجموعة «لاكتاليس» العالمية بإبداء رغبتها بتقديم عرض شراء محتمل لكامل أسهم الشركة بسعر 66 جنيهاً، وكذلك مؤسسة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، وشركة السهم السعودية التي تقدمت بسعر 57.12 جنيه، و«أرلا فودز أنبا» الدنماركية قبل تراجعها عن قرار عرض الشراء.
الأغذية تعد من القطاعات الأكثر محافظة علي ربحيتها بشكل كبير لاتساع المجال الاستهلاكي بين المواطنين، وهكذا الحال بالنسبة لقطاع الأدوية، بعد تلقي مينا فارم للأدوية والصناعات الكيماوية خطاباً من شركة «تريكويرا بى. فى» الهولندية برغبتها في شراء الشركة بسعر 37.5 جنيه للسهم، ومن قبلها عرض الشراء الإجباري لشركة «كريد هيلثكير إل تى دى» للاستحواذ علي شركة مستشفي القاهرة التخصصي، التي تم شطبها من سوق الأوراق المالية عقب إتمام الصفقة، ومن قبلها استحواذ مؤسسة هندية علي شركة الإسكندرية للخدمات الطبية، ويعتبر هذا القطاع الأكثر استقراراً وربحية، لكونه من القطاعات الاستراتيجية التي لا غني عنها للمواطنين.
«مراعاة البعد الاجتماعي في الصفقات التي تتعلق بالقطاعات الاستراتيجية، حتي إذا كانت الشركات ملك للقطاع الخاص» هكذا علقت الدكتورة سلوي حزين الخبير الاقتصادي، حيث إن

العديد من مؤسسات الدولة لديها فائض سيولة تتصدرها أموال الصناديق الخاصة، وهيئة الأوقاف المصرية، وصناديق استثمار المؤسسات الوطنية، وكل هذه المؤسسات لديها القدرة علي التقدم لشراء الشركات المعروضة للبيع، في المجالات الاستراتيجية ولضمان مصلحة السواد الأعظم من أبناء هذا البلد.
وتابعت: «أنه من غير المقبول أن تكون الحصة المالكة لمساهمين غير المصريين، في هذه القطاعات الاستراتيجية التي يعتمد عليها المواطنين البسطاء بصورة كبيرة، خاصة أن القطاع الخاص المصري تحظي غالبيته بالوطنية».
ولفض الاشتباك حول هذه الصفقات وفقاً لما قالته «حزين» فإن الأمر يتطلب وجود أمن اقتصادي لديه القدرة علي مراقبة الوضع الاقتصادي، وحمايته من أي عبث له تداعياته السلبية علي أمن المواطنين الاقتصادي، والفقراء التي تحاول الأمم المتحدة في تقليص عدد الفقراء في العالم العام المقبل.
إذن علي الحكومة اتباع منهج الاقتصاد المخطط بحسب تحليل الدكتور عبدالخالق فاروق الباحث والمفكر الاقتصادى ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية، حتي تستطيع الحفاظ علي البعد الاجتماعي للفقراء، وتوفر لهم عدالة اجتماعية.
وتابع: «إذا واصلت الحكومة عملها بنفس دور الدولة في نظام الرئيس «مبارك» بتفشي الفساد فإن الأمر سيضر قطاع عريض من المواطنين الفقراء».
لسنا ضد القطاع الخاص كما قال الدكتور فاروق، ولكن علي الدولة العمل علي هيكلة القطاع العام، وإعادة تشغيله، ليؤدي الدور المطلوب بجوار القطاع الخاص بما يحقق المصلحة العامة للمواطنين.
لابد من الدور الرقابي القوي للدولة علي حد تحليل المهندس يحيى حسين عبدالهادي، مؤسس حركة «لا لبيع مصر»، حيث إن هذا الدور يضمن عدم استغلال المؤسسات الأجنبية للفقراء بالتلاعب في السلع الاستراتيجية، وتوجه أسعارها بما يحقق مصالحهم في المكاسب علي حساب السواد الأعظم.
«صفقات البيع إذا خضعت لرقابة صارمة من الدولة فانها تحقق الهدف، دون أي اعتراضات أو مخاوف علي عمليات البيع» بحسب «عبدالهادي».
رغم كل هذه المخاوف بين المراقبين والمحللين إلا أن الدكتور سيد عبدالفضيل الخبير الاقتصادي والمتخصص في الاستثمار والتمويل يعتبر أن عرض مثل هذه الشركات لا تمثل ضرراً علي القطاع العريض من الفقراء، طالما أن الحكومة تقوم بدورها الرقابي بصورة تحفظ البعد الاجتماعي، وتعمل علي توفير السلع الرئيسية بأسعار مناسبة.
«نار القطاع الخاص الوطني ولا جنة الأجنبي» - هكذا علق صلاح حيدر الخبير الاقتصادي - حيث إنه رغم الاتهامات الموجهة إلي القطاع الخاص الوطني، إلا أن كثير من هذه المؤسسات لديها بعداً اجتماعياً وتضع في اعتبارتها الآثار التي قد يتضرر منها الفقراء، حال الاستحواذ علي هذه الكيانات الاستراتيجية.
إذن المخاوف لا تزال قائمة في ظل ارتفاع معدلات نسب الفقراء، خاصة أن الأمر يتعلق بسلع استراتيجية، فهل تتدخل الدولة بدورها الرقابي في تحقيق التوازن حال بيع شركات تدرج تحت قائمة القطاعات الاستراتيجية أم ستدخل الحكومة ممثله في شركات تابعة مالكه لحصص بهذه الشركات بشراء حصص حاكمة، بهدف الحفاظ علي البعد الاجتماعي.

جدول يوضح عروض الشراء الخاصة بشركات البورصة