رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

يا خبر

تسود حالة من الغموض والقلق بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وهى المرحلة الأكثر تعقيداً فى ظل تداخل الملفات الأمنية والسياسية والإنسانية، وتباين مواقف الأطراف جميعاً.
مبعث القلق أن حماس نفذت ما عليها فى المرحلة الأولى، وسلمت كل الأسرى الإسرائيليين، الأحياء والأموات، ممن كانوا بحوزتها وبقيت جثة ران جويلى، آخر جثة فى القطاع, فى حين ما زال الاحتلال يسيطر على أكثر من 54% من مساحة القطاع داخل ما يعرف بالخط الأصفر, ويرفض فتح معبر رفح بالاتجاهين وفق الاتفاق وربطه بعودة جثة آخر أسير, وأحدث الاحتلال 740 خرقاً للاتفاق منذ توقيع الاتفاق ما أسفر عن استشهاد 386 مواطناً، وإصابة 980 آخرين، واعتقال 43 حالة فى الجانب الفلسطينى، وإنسانياً تنصل الاحتلال من التزاماته الواردة بالاتفاق، ولم يلتزم بالحد الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها.
وبحسب خطة الرئيس ترامب، من المفترض أن تشمل بنود المرحلة الثانية إنشاء مجلس السلام وذراعه التنفيذية «قوة الاستقرار الدولية» حسب قرار مجلس الأمن الدولى 3803 على أن ينسحب جيش الاحتلال إلى الخط الأحمر لتصبح مساحة المناطق التى تسيطر عليها إسرائيل نحو 20% من مساحة قطاع غزة ويحظر على إسرائيل احتلال القطاع أو ضمه بشكل دائم, وينص الاتفاق أيضاً على نزع سلاح حماس، وإقامة نظام حكم ما بعد الحرب، متمثل فى المجلس التنفيذى المشكل من شخصيات دولية وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية (إدارة محلية) وبدء خطة إعادة إعمار القطاع وإزالة الركام والأنقاض.
من جانبه يصر الرئيس ترامب على استكمال الاتفاق والدفع باتجاه تنفيذ مرحلته الثانية، وأعلن- بحسب موقع «أكسيوس»- أن ذلك سيحدث قبل أعياد الميلاد ويضغط لتحقيق انسحاب إسرائيلى تدريجى تحت مراقبة دولية إلى ما يعرف بالخط الأحمر، كما يصر ترامب على نشر قوة الاستقرار الدولية على أن تسهم فى تفكيك ونزع سلاح حماس، ويهدف أن يكون ذلك فى مطلع العام المقبل, وتطلب واشنطن فتح معبر رفح بالاتجاهين، وتعتبر استئناف العمل جزءاً من الاتفاق وتضغط من أجل دخول المساعدات والمواد اللازمة لقطاع غزة، لتهيئة الظروف للبدء فى خطط إعادة الإعمار.
ترامب يريد لخطته أن تنجح ليكمل إنجاز تحالف إقليمى للتطبيع مع إسرائيل، وربط استقرار غزة بنجاح تشكيل هذا التحالف واستخدم قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام كمنصة لإدخال إسرائيل فى منظومة أمنية إقليمية أوسع، مع دور أمريكى قيادى وتفكيك المسار القانونى الدولى ضد إسرائيل من خلال استبدال سردية «حرب الإبادة والحصار»، بسردية «الاستقرار والإعمار»، لتبرير الضغط على المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة لوقف مسارات المحاسبة والتحقيق فى جرائم الحرب.
على الجانب الآخر يجلس «الشريك المخالف» نتنياهو ليعرقل الدخول فى المرحلة الثانية، والتملص من استحقاقاتها، ويرفض الانسحاب من مناطق غزة داخل الخط الأصفر ووصفه بأنه خط حدودى جديد، ويتحجج الآن بشرط تسليم جثة الأسير الأخير للموافقة على الدخول فى نقاش حول المرحلة الثانية, ويشدد على نزع سلاح حماس ويرفض صيغ تخزين أو تسليم السلاح أو إخراجه مؤقتاً من الخدمة وهى مقترحات أبدت حماس الانفتاح عليها, وأبدى الرئيس الأمريكى تفهماً بشأنها, فلا يرى ترامب حرجاً فى اعتماد مسار تدريجى لنزع سلاح حماس ولا يمانع من طرح حلول على نحو «إخراج السلاح من الخدمة»، على غرار تجارب نزاعات أخرى, بينما يهدد نتنياهو بتدخل عسكرى مباشر إذا لم يتم نزع السلاح على طريقته, كما يتحفظ على تشكيل قوة حفظ السلام الدولية، ويرفض بشكل قاطع مشاركة تركيا فيها, ويغلق معبر رفح حتى إشعار آخر، فقط قال إن بإمكانه فتح المعبر باتجاه واحد للمغادرين فى خطوة رفضتها مصر واعتبرتها باباً لتهجير الفلسطينيين.
بمنتهى الوضوح لا يريد نتنياهو الانسحاب من غزة ويتجنب أى مسار سياسى نهائى يفضى إلى دولة فلسطينية أو تسوية نهائية, ومن ثم الصدام قادم لا محالة مع الرئيس ترامب، وأظن أن لقاء ترامب ونتنياهو فى 29 ديسمبر الجارى فى فلوريدا سيكون حاسماً وسينتهى بمفاجآت, صحيح أن ترامب لن يتخلى عن إسرائيل, فهذا التزام أمريكى أبدى, لكنه فى رأيى لن يسمح لنتنياهو بأن يفسد خططه فى المنطقة, وغير مستبعد أن يلقى به تحت الحافلة.