خبير اقتصادي يحدد إجراءات تحويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى عناقيد صناعية
كشف عزت بطران الخبير الاقتصادي أن البيئة الاقتصادية مهيئة لتطبيق العناقيد الصناعية بالسوق المحلي، رغم أن البيانات تشير إلى أن العناقيد لا تزال في مراحلها الأولى، حيث أن عنقود صناعة النسيج في المحلة الكبرى : يُعد أقرب نموذج للتكامل العضوي، لكنه يعاني من مشاكل تكنولوجيا الإنتاج والتسويق العالمي، بالإضافة إلى مدينة برج العرب الصناعية التي تجمع بين مصانع كبيرة وصغيرة، لكنها تفتقر إلى درجة التكامل والتعاون الوظيفي الموجود في النموذج الإيطالي، بالإضافة إلى المبادرات الحكومية التي تتصدرها "مشروعك" و"بنك المشروعات الصغيرة والمتوسطة"، وبرامج "مصر تصنع" التي تهدف إلى التكامل بين المصانع الكبيرة والصغيرة كموردين.
قال" بطران" أن مصر قاعدة هائلة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهي العمود الفقري للاقتصاد غير الرسمي، ولكنها تعاني من تحديات هيكلية تعوق تحولها إلى عناقيد منتجة، مشيرا إلى أنه طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء والبنك المركزى المصرى وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة فان تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل حوالي 75 % من إجمالي العمالة في القطاع الخاص غير الزراعى كما تساهم بما يتراوح بين 25-30 % من الناتج المحلي الاجمالى (GDP) ولكنها تواجه تحديات ضخمة في الوصول للتمويل، حيث يقدر فجوة التمويل السنوية لها بنحو 30-35 مليار جنيه مصري وتعاني من عدم القدرة على الوصول للأسواق الخارجية، حيث تركز معظم أنشطتها على السوق المحلي .
أوضح أن 4 تحديات تواجه تحويل المشروعات الصغيرة إلى عناقيد صناعية تتمثل في الثقافة الفردية، حيث أن ثقافة العمل المنفرد والمنافسة السلبية يسيطر على ثقافة التعاون والتكامل، بالإضافة إلي ضعف البنية التحتية المؤسسية نتيجة غياب الهيئات الوسيطة الفعالة التي يمكنها تنظيم وتمثيل وتطوير هذه العناقيد، وكذلك الإطار القانوني والتمويلي لتعقيد الإجراءات وعدم ملاءمة آليات التمويل التقليدية لطبيعة عمل هذه المشروعات، وأيضا ضعف الابتكار والبحوث والتطوير بسبب محدودية الإنفاق على البحث والتطوير مقارنة بالنموذج الإيطالي.
كما أوضح أن تحويل التجربة المصرية من مشروعات صغيرة متناثرة إلى عناقيد صناعية ديناميكية على غرار التجربة الإيطالية كونها الرائدة في هذا المجال يتطلب عدد من الإجراءات المهمة تتمثل في التحديد الجغرافي والتخصصي (الخرائط الصناعية):وهى إعداد "خرائط صناعية" شاملة لتحديد المناطق ذات الميزة النسبية (كصناعة الأثاث في دمياط، والجلود في مصر القديمة، والغزل والنسيج في المحلة، والسيراميك في العاشر من رمضان) مع تطوير استراتيجية وطنية لكل عنقود مستهدف على حدة، إنشاء هيئات وسيطة فعالة: دعم تأسيس "جمعيات عناقيد صناعية" مستقلة وغير هادفة للربح، على غرار النموذج الإيطالي، تكون مملوكة لأعضاء العنقود تكليف هذه الجمعيات بمهام: التسويق الجماعي ، التفاوض الجماعي لشراء المواد الخام، إنشاء مراكز تدريب وتطوير مشتركة، حزمة دعم مالي ومؤسسي مخصصة عبر تخصيص خطوط تمويلية بضمانات مخففة ومعدلات فائدة ميسرة للشركات داخل العناقيد المعتمدة مع تبسيط الإجراءات الحكومية (التراخيص، الضرائب، الجمارك) من خلال (شباك واحد ) لخدمة كل عنقود، وكذلك ربط العناقيد بالاقتصاد الكلي بإلزام الشركات الكبيرة الحكومية والخاصة (خاصة في مشروعات البنية التحتية الكبرى) بشراء نسبة من مدخلاتها من المشروعات الصغيرة داخل العناقيد دمج العناقيد في سلاسل القيمة العالمية من خلال اتفاقيات تجارية تفضيلية، وأيضا الاستثمار في الابتكار والموارد البشرية من خلال إنشاء "مراكز ابتكار وتميز" داخل كل عنقود، بالشراكة بين الجامعات والقطاع الخاص والجمعيات، للتركيز على حل مشاكل الإنتاج والتطوير مع تطوير مناهج تدريبية مهنية متخصصة تلبي احتياجات كل قطاع.
يشار إلى أن التجربة الإيطالية في "العناقيد الصناعية" أو "القطاعات الصناعية المتخصصة" (Industrial Districts) تمثل نموذجا رائدا عالميا في تعظيم قيمة المشروعات المتوسطة والصغيرة (SMEs) ، حيث نجحت إيطاليا في تحويل هذه المشروعات، التي تبدو منفردة صغيرة وهشة ، إلى كيانات عملاقة تنافسية من خلال فلسفة "التكتل والتعاون" هذا النموذج يقدم دروسا ثمينة لمصر، التي تتجه نحو تعزيز دور القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة كرافد أساسي للتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.