بدون رتوش
تواجه اليوم مؤسسة هيئة الإذاعة البريطانية الـ(بى بى سى) معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل فى العالم وهو الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب». معركة ضارية وستستمر تبعاتها فيما إذا لم يحسم الأمر ويتم التوصل إلى تسوية دون اللجوء إلى التصعيد من جانب «ترامب» الذى هدد برفع دعوى قضائية ضد المؤسسة الاعلامية سالفة الذكر بعد أن اتهمها بتعديل مقطعين من خطابه فى برنامج «بانوراما» بشكل أعطى معنى مختلفا لما أراده. ولم يقبل برد المؤسسة الإعلامية عندما قالت إن ما حدث لم يكن مقصودا، ولهذا بادر فصعد الأمر.
ولا شك أن هذه لحظة حرجة للغاية فى تاريخ الـ بى بى سى كمؤسسة تظفر بالاحترام. فإما أن تبقى أو تسقط من حيث النظر إليها كمؤسسة محايدة ومصدرا إعلاميا موثوقا به فى عالم تتراجع فيه الثقة بالمؤسسات الإعلامية.
يبدو أن «ترامب» لن يتراجع عن رفع دعوى ضد الـ بى بى سى ويطالبها بتعويض عما نشرته. والدليل عدد القضايا القانونية التى سبق له وأن رفعها ضد مختلف شركات الإعلام الأمريكية. وحتى لو بادرت الـ بى بى سى واعتذرت فلن يوقف تهديده برفع دعوى قضائية عليها. ويعتقد بوجود إجماع داخل المؤسسة وخارجها على أن استخدام أموال دافعى رسوم الترخيص لإجراء تسوية مع «ترامب» ما هى إلا فكرة فاشلة ولن يتم تمريرها. وكما قال أحد كبار المسئولين التنفيذيين فى الـ بى بى سى بعد رفض عرض التعويض: (أنه إذا قرر ترامب رفع دعوى قضائية سيتعين على الـ بى بى سى الصمود والاستعانة بأفضل المحامين فى فلوريدا).
يبدو الآن أن الـ بى بى سى ستخوض معركة قضائية طويلة ومكلفة فى وقت ينبغى عليها أن تركز بشكل كامل على مناقشات تجديد ميثاقها وهى المناقشات التى تتصاعد بوتيرة متسارعة. واليوم ينبغى على كبار المسئولين فى الـ بى بى سى التركيز بشكل كامل على ما يعتبر لحظة حاسمة للمؤسسة. أى عندما يتم الاتفاق بين الحكومة وهيئة الإذاعة البريطانية على العرض ونطاق عملها وكيفية تمويلها بحيث يأتى هذا فى الوقت المناسب مع صدور ميثاق جديد لها فى بداية عام 2028. والآن سيتحول انتباه أقطاب الـ بى بى سى الكبار إلى التفكير فى الخطوة التالية فيما قد يكون صراعا مدمرا بل وجوديا مع «ترامب» حيث من الممكن أن تكون الرسوم القانونية وحدها باهظة الثمن.
كان من الممكن تجنب كل هذا لو أن الـ بى بى سى كانت صريحة فى وقت مبكر بشأن الخطأ وبادرت بتصحيحه، ولكنها لم تفعل، ولهذا فهى تواجه اليوم مشكلة عسيرة. والآن نتساءل هل يمكن للحكومة البريطانية التدخل وأن يبادر رئيس وزرائها «كيرستارمر» باستغلال رصيده السياسى مع الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» أم أن المعركة ستستمر بلا هوادة بعد أن وصف «ترامب» الـ بى بى سى بأنها أسوأ من الأخبار الكاذبة، وزعم أن المؤسسة وصحفييها فاسدون؟.