خبير اقتصادي يوضح السيناريو الأقرب في اجتماع المركزي اليوم
تترقب الأوساط الاقتصادية قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، وسط توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس (1%) خلال اجتماعها اليوم الخميس، في خطوة يرى الخبراء أنها قد تكون الأنسب لدعم النشاط الاقتصادي في المرحلة الحالية.
وقال الدكتور محمد عبد الوهاب، الخبير الاقتصادي ، إن اتجاه البنك المركزي نحو خفض الفائدة بات الاحتمال الأكثر ترجيحًا، في ظل التباطؤ النسبي لمعدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة، والتطورات الإيجابية في هشاشة الأسواق وقوة مؤشرات السياسة النقدية محليًا وعالميًا.
وأوضح عبد الوهاب أن أسعار الفائدة أصبحت العامل الأكثر تأثيرًا في رسم ملامح الاقتصاد المصري مع بداية العام الجديد، مؤكدًا أن خفض الفائدة في الوقت الحالي قد يسهم في تقليل أعباء التمويل على القطاعات الإنتاجية، ولا سيما الصناعات التي تواجه تحديات ارتفاع تكلفة رأس المال.
التضخم ودوره في تحديد قرار لجنة السياسة النقدية
وأشار عبد الوهاب إلى أن التضخم في مصر شهد تراجعًا ملحوظًا مقارنة بمستوياته القياسية العام الماضي، وأن الارتفاعات الأخيرة كانت نتيجة عوامل موسمية وصدمات عرض في بعض السلع الغذائية، وليست نتاج زيادة الطلب أو اختلالات في السيولة.
وأكد أن رفع الفائدة أو الإبقاء عليها لن يُعالج جذور التضخم المرتبط بتكلفة الإنتاج أو اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية، ولذلك يبقى خفض الفائدة قرارًا منطقيًا يدعم استقرار الأسعار على المدى المتوسط، ويعزز قدرة الاقتصاد على النمو.
مسار السياسة النقدية: من التشديد إلى التيسير
وأوضح الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي اتخذ خطوات حاسمة خلال العامين الماضيين عبر رفع الفائدة بقوة في مارس 2024 بنحو 600 نقطة أساس للسيطرة على تقلبات سعر الصرف واستعادة الاستقرار النقدي. وبعد نجاح هذه السياسات وعودة تدفقات النقد الأجنبي، بدأ المركزي في تبني سياسة تيسير تدريجية.
وتضمنت هذه السياسة خفضًا للفائدة في عدة اجتماعات خلال أبريل ومايو وأغسطس بإجمالي تجاوز 525 نقطة أساس، ثم أعقبها خفض إضافي في أكتوبر 2025 بمقدار 100 نقطة أساس، ما يعكس ثقة البنك المركزي في قدرة الاقتصاد على تحمل مزيد من التخفيضات دون الإضرار باستقرار الأسواق.
وأضاف عبد الوهاب أن قطاعات حيوية مثل السياحة والصادرات والصناعات التحويلية بدأت تظهر مؤشرات إيجابية، مما يعزز قدرة الاقتصاد على الاستفادة من خفض الفائدة.
رؤية البنوك العالمية ودورها في دعم التوجه نحو الخفض
ولفت عبد الوهاب إلى أن الكثير من بنوك الاستثمار العالمية، وفي مقدمتها غولدمان ساكس وجي بي مورغان، ألمحت في تقاريرها الأخيرة إلى أن الأسواق الناشئة باتت في موقع يسمح لها بخفض الفائدة تدريجيًا، خاصة في ظل تباطؤ وتيرة التشديد النقدي من جانب الفيدرالي الأمريكي، وترقب خفض محتمل للفائدة في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام المقبل.
وقال إن هذه التطورات تخفف الضغط عن الاقتصادات النامية، والتي اضطرت سابقًا إلى رفع الفائدة للحفاظ على جاذبية الاستثمار الأجنبي، مما يمنح البنك المركزي المصري مساحة أكبر لاتخاذ خطوات أكثر جرأة في خفض الفائدة.
أثر خفض الفائدة على الاقتصاد المصري
وأكد عبد الوهاب أن خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس سيترك آثارًا إيجابية مباشرة على الاقتصاد، أبرزها:
خفض تكلفة الاقتراض على القطاع الخاص، بما يعزز التوسع في المشروعات الإنتاجية.
تقليل أعباء خدمة الدين العام، وتخفيف الضغط على الموازنة العامة.
تحسين قدرات الشركات على التمويل وزيادة الاستثمار.
تنشيط القوة الشرائية للمستهلكين بفضل انخفاض تكلفة التمويل.
تحفيز البنوك على زيادة الإقراض للقطاعات الصناعية والخدمية.
وأضاف أن تحسن موارد النقد الأجنبي، وارتفاع إيرادات السياحة، ودعم الصادرات، أسهمت في توفير مساحة آمنة لخفض الفائدة دون التأثير فى استقرار سعر الصرف.
وفي ختام تصريحاته، قال عبد الوهاب:
"السيناريو الأقرب في اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم هو خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، فهو القرار الأكثر انسجامًا مع مؤشرات التضخم وسياسة البنك المركزي وتحسن موارد النقد الأجنبي. ومن المرجح أن نشهد خفضًا إضافيًا قبل نهاية العام إذا واصلت المؤشرات الاقتصادية مسارها الإيجابي".