تحليل اقتصادي.. كيف يعكس حضور 2.5 مليون مشجع نمو صناعة كرة القدم السعودية؟
لا تقتصر أهمية الرقم الذي سجّله الدوري السعودي في موسم 2024/25 — حضور 2.5 مليون مشجع — على البعد الرياضي فحسب، بل يمتد ليشكل مؤشراً اقتصادياً مهمًا حول تطور صناعة كرة القدم في المملكة، فالحضور الجماهيري أحد أهم مقاييس العوائد التشغيلية للأندية، وهو عنصر رئيسي في رفع قيمة البطولة ضمن التصنيفات التسويقية العالمية.
فقبل سنوات قليلة فقط كانت الأندية السعودية تعتمد بشكل رئيسي على الدعم الحكومي، بينما اليوم باتت الجماهير تشكل جزءًا مؤثرًا من العائدات، خصوصاً مع تطبيق نظام الخصخصة ودخول مستثمرين جدد في عدد من الأندية الكبرى. ومع ارتفاع الحضور إلى 2.5 مليون مشجع، شهدت إيرادات التذاكر، والضيافة، والمبيعات الجانبية قفزات كبيرة مقارنة بالمواسم السابقة، مما يمنح الأندية قدرة أكبر على الإنفاق، سواء في التعاقدات أو تطوير البنية التحتية.
وعند مقارنة هذا الرقم بدوريات العالم، نجد أن الدوري السعودي تفوق في الحضور على بطولات أوروبية راسخة مثل الدوري الفرنسي الدرجة الأولى (2.2 مليون)، والدوري الإيطالي الدرجة الأولى (3.6 مليون)، ما يدل على أن السوق السعودي بات من الأكثر نشاطًا، رغم أنه لا يزال في طور النمو مقارنة بالدوريات الأوروبية الكبرى.
اقتصاديًا، يسهم هذا الارتفاع في دعم الدورة المالية الداخلية للدوري، بدءًا من بيع التذاكر، مرورًا بحقوق الإعلانات داخل الملاعب، وصولاً إلى تعظيم العائدات التجارية للأندية. كما يعكس ثقة الجماهير المتزايدة في المنتج الكروي المحلي، خاصة بعد وصول عدد كبير من النجوم العالميين، وتحسن جودة المنافسات، وإطلاق مشاريع تطوير ملاعب جديدة.
وتشير الدراسات إلى أن كل مليون مشجع يزور الملاعب سنويًا يضخ عشرات الملايين من الريالات في الاقتصاد المحلي عبر النقل، والضيافة، والتسوق، والفعاليات المحيطة بالمباريات. وبذلك، فإن تسجيل 2.5 مليون مشجع يضع الدوري السعودي ضمن منظومة اقتصادية أكبر تتحرك نحو الاحتراف الكامل، وتستعد لجذب المزيد من الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد اقتصاديون أن استمرار الأندية في تحسين تجربة المشجع — من حيث الخدمات، والتذاكر الذكية، والمرافق — سيضاعف الحضور في المواسم القادمة، وهو ما يجعل الموسم 2024/25 نقطة انطلاق لمرحلة جديدة عنوانها: كرة القدم كصناعة متكاملة وليست مجرد منافسة رياضية.