الإفتاء تحسم الجدل: القتل الرحيم جريمة شرعية كبرى وتمسّ قدسية النفس الإنسانية
قدمت دار الإفتاء المصرية بيانًا مفصّلًا حول ما يُعرف عالميًّا بـ"القتل الرحيم" أو "الموت الرحيم"، مؤكدةً أن هذا الفعل محرّم شرعًا، ويُعد من أكبر الكبائر سواء أكان بطلب من المريض، أو ذويه، أو قرار من الطبيب.
وجاء ذلك ردًا على سؤال حول حكم إنهاء حياة المريض عندما يشتد به المرض أو الألم، وهو موضوع يثير جدلًا عالميًّا، خاصة مع انتشار الدعوات لإقراره قانونيًّا في بعض الدول.
المقصود بالقتل الرحيم
أوضحت الإفتاء أن القتل الرحيم هو: إنهاء حياة مريض لا أمل في شفائه عبر إعطائه – بنفسه أو بواسطة الطبيب – مادة تُنهي حياته، وغالبًا يكون ذلك بسبب الألم المزمن أو مرض عضال.
واعتبرت الإفتاء أن هذا الفعل يتعارض تمامًا مع مقاصد الشريعة التي جعلت النفس الإنسانية مصونة ومحفوظة.
انتحار إذا فعله المريض بنفسه
أكدت أن الحالة التي يُقدم فيها المريض على إنهاء حياته تُعد انتحارًا صريحًا، محرَّمًا بنص القرآن والسنة، لقوله تعالى:﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾.
كما ذكّرت الإفتاء بالأحاديث النبوية التي توعّدت المنتحر بعقاب شديد، إضافة إلى إجماع العلماء على حرمة تعمّد الإنسان إهلاك نفسه.
قتل للنفس إذا فعله الطبيب
أما إذا أقدم الطبيب أو أي شخص آخر على إنهاء حياة المريض بطلب منه أو من أهله، فقد أكدت الإفتاء أن هذا الفعل قتلٌ للنفس بغير حق، وهو من أعظم الجرائم في ميزان الشرع.
وساقت النصوص الشرعية التي تجرّم قتل النفس، منها قوله تعالى:﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾.
كما ذكرت الإفتاء أن قتل الإنسان بغير حق يساوي – في ميزان التعظيم الشرعي – قتل الناس جميعًا.
الشريعة تحمي النفس... وترفع قدر الصبر
شددت الإفتاء على أن الشريعة جعلت حفظ النفس أحد الضرورات الخمس التي تقوم عليها الأحكام، مؤكدة أن الإنسان لا يملك حق التصرف في جسده بما يؤدي إلى إتلافه أو إنهاء حياته.
وأكدت أن على المريض – مهما اشتد به الألم – أن يستقبل الابتلاء بالصبر والرضا، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، وأن الجزع واليأس ليسا من أخلاق المؤمن، ولا من دواعي الرحمة الحقيقية.
.