صلاة الاستسقاء.. دعوة لإحياء سنة النبي.. اعرف التفاصيل كاملة

عادت صلاة الاستسقاء إلى واجهة الاهتمام الديني والإعلامي بعد دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لإقامتها في مساجد البلاد، إحياءً لسنة النبي ﷺ، وطلباً للغيث في ظل ما تشهده بعض المناطق من جفاف وتأخر للمطر.

وبدأت عمليات البحث تتزايد على كيفية أداء صلاة الاستسقاء، ووقتِها، وما ورد بشأنها من سنة نبوية وأحكام شرعية، وما لها من فضلٍ عظيم يرقق القلوب ويعيد الناس إلى طريق التوبة والإنابة.

حكم صلاة الاستسقاء… سنة مؤكدة عن النبي ﷺ

أجمع الفقهاء على أن صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة، لثبوتها قولًا وفعلاً عن النبي ﷺ، كما في حديث عبد الله بن زيد:«خرج النبي ﷺ يستسقي، فاستقبل القبلة يدعو، ثم حوّل رداءه، ثم صلّى ركعتين جهَر فيهما بالقراءة».

ويُشرَع أداؤها عند:

• انعدام المطر،
• أو جفاف الأرض،
• أو نقص المياه في الأنهار والآبار،
• أو حاجة الناس إلى الغيث بأي صورة.

الصلاة هنا ليست مجرد عبادة، بل نداء جماعي للتوبة والتضرّع.

كيف تُقام صلاة الاستسقاء؟

مكان أدائها

يمكن أن تُقام:

• في المساجد،
• أو في الخلاء كما فعل النبي ﷺ،
  وهي تُسنّ في جماعة، ويجوز للرجال والنساء المشاركة فيها لما فيها من تقوية للروح الجماعية.

عدد ركعات صلاة الاستسقاء وطريقة الأداء

اتفق الفقهاء على أنها ركعتان، يجهر فيهما الإمام بالقراءة، ويُستحب أن يقرأ:

• الأعلى و الغاشية،
  أو
• الشمس و الضحى،
  أو غير ذلك من السور.

خطوات الصلاة كما وردت في السنة

تماماً كصلاة العيد:

الركعة الأولى:

• تكبيرة الإحرام + ست تكبيرات بعدها.
• قراءة الفاتحة وسورة مما تيسر.
• الركوع، ثم الرفع منه.
• سجدتان.

الركعة الثانية:

• خمس تكبيرات بعد القيام.
• قراءة الفاتحة وسورة.
• الركوع والسجود، ثم التشهد والسلام.

بهذا تكون الصلاة قد أُديت كما صلّاها النبي ﷺ.

خطبة صلاة الاستسقاء… توبة واستغفار وتحذير من المعاصي

بعد الصلاة، يقف الإمام يخطب الناس، ويذكّرهم بأن الجفاف قد يكون:

• عقوبة،
• أو ابتلاء،
• أو تنبيه للغافلين.

وفي خطبته:

• يعظ الناس،
• يحذّرهم من الظلم وأكل الحرام،
• يدعوهم إلى التوبة والرجوع إلى الله،
• يقرأ الآيات والأحاديث التي تُبشّر بالرحمة وتحثّ على الاستغفار.

دعاء الاستسقاء… كلمات تُذيب القلوب

يرفع الإمام يديه، ويرفع الناس معه، ويبدأ الدعاء:

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مجللاً سحّاً طبقا عاماً نافعاً غير ضار.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

ويستقبل الإمام القبلة أثناء الدعاء، ويحوّل رداءه تفاؤلاً بتحوّل الحال من القحط إلى الرخاء، اقتداءً بالنبي ﷺ كما ورد في الصحيحين.

 رمز تحوّل الحال إلى خير

يؤكد العلماء أن تحويل الرداء سنة ثابتة، إذ يقلب المصلي طرف الرداء الأيمن على الأيسر والعكس.
والمعنى هنا:

• تشاؤم من الجفاف،
• وتفاؤل بالخصب والبركة،
• واستدعاء لرحمة الله.

وقد ورد أن النبي ﷺ فعل ذلك في صلاة الاستسقاء، فكان المسلمون يتبعون سنته.

وقت صلاة الاستسقاء… هل هو محدد؟

• يرى جمهور العلماء أن وقتها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، كوقت صلاة العيد.
• بينما ذهب الإمام الشافعي إلى أنها غير مقيّدة بوقت معين ما عدا الأوقات المكروهة للصلاة.

ومع ذلك، يُفضل الإعلان عنها مسبقاً حتى يتهيأ الناس وتتسع المشاركة.

فضل صلاة الاستسقاء… اجتماع القلوب قبل اجتماع السحاب

تُذكّر صلاة الاستسقاء الناس بأن الماء نعمة كبرى لا يشعر بها إلا من حُرمها.
ومن أعظم فضائلها:

• أنها تجمع الناس على قلب واحد،
• تغرس روح التواضع والافتقار لله،
• تُعيد للنفوس خشوعها،
• وتفتح باب الأمل والرحمة،
• وتكون سبباً في نزول المطر بإذن الله.

إنها عبادة تُعيد الإنسان إلى مركز ضعفه أمام قدرة الله المطلقة… وتُشعره بأن لا ملجأ ولا مفر إلا إليه.