رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

حاملة الطائرات «جيرالد فورد» تفتح فصلًا جديدًا من المواجهة بين أمريكا وفنزويلا

بوابة الوفد الإلكترونية

دخلت حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس جيرالد آر فورد، وهى الأضخم والأحدث فى العالم، منطقة مسئولية القيادة الجنوبية الأمريكية التى تشمل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، فى خطوة تمثل أكبر استعراض للقوة الأمريكية فى المنطقة منذ غزو بنما عام 1989. وأعلنت البحرية الأمريكية عن أن الحاملة ترافقها مجموعة ضاربة تضم عشرات السفن المدمرة والطائرات، فى مهمة قالت واشنطن إنها تهدف إلى مكافحة تهريب المخدرات، لكن محللين يرونها تصعيدًا سياسيًا موجهًا ضد حكومة الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو.

وقال المتحدث باسم البنتاجون شون بارنيل فى بيان رسمى إن وصول حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد، وعلى متنها أكثر من 4000 بحار وعشرات الطائرات التكتيكية، سيعزز قدرة الولايات المتحدة على اكتشاف ومراقبة وتعطيل الأنشطة غير المشروعة فى المنطقة. وأضاف أن هذه القوات ستوسع من القدرات الأمريكية الرامية إلى تفكيك المنظمات الإجرامية العابرة للحدود وتعطيل شبكات تجارة المخدرات.

التحرك العسكرى الأمريكى جاء بعد ثلاثة أسابيع من إعلان ترامب عن نشر المجموعة البحرية الضاربة فى الكاريبى، فى إطار ما وصفه بـ«حربه على المخدرات» التى تشمل غارات جوية على قوارب يُعتقد أنها تهرّب المخدرات من أمريكا الجنوبية. وأسفرت هذه الغارات حتى الآن عن مقتل 76 شخصًا على الأقل منذ سبتمبر، وفق بيانات وزارة الدفاع الأمريكية.

لكن فى كاراكاس، اعتبر نظام مادورو أن هذا الانتشار العسكرى يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى الفنزويلى. وأعلن عما وصفه بـ«انتشار ضخم» للقوات البرية والبحرية والجوية والنهرية والصاروخية، بالإضافة إلى الميليشيات المدنية، لمواجهة الوجود الأمريكى المتزايد قبالة السواحل الفنزويلية. وقال مادورو إن بلاده تواجه «أعظم تهديد شهدته القارة خلال المئة عام الماضية»، متهمًا واشنطن بـ«افتعال حرب جديدة تحت غطاء مكافحة المخدرات».

فى المقابل، يرى العديد من المحللين أن واشنطن تستخدم هذه العمليات العسكرية كوسيلة ضغط لإجبار مادورو على التنحى بعد ما وصفته تقارير دولية بـ«سرقة الانتخابات» فى العام الماضى. وتربط مصادر دبلوماسية بين هذا التحرك العسكرى وبين الضغوط التى تمارسها إدارة ترامب لدفع المعارضة الفنزويلية إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة.

الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة لا يقتصر على حاملة الطائرات، إذ تنضم إليها غواصة تعمل بالطاقة النووية وعدة سفن حربية وطائرات متمركزة فى بورتوريكو، فى أكبر تجمّع بحرى أمريكى فى الكاريبى منذ عقود. ووفقًا لمصادر عسكرية، تشكل هذه القوة البحرية شبكة مراقبة تمتد من خليج المكسيك إلى الساحل الأطلسى لأمريكا الجنوبية.

وفى العاصمة الفنزويلية، بث التليفزيون الحكومى مشاهد لقادة عسكريين يلقون خطابات فى ولايات مختلفة معلنين عن بدء «مرحلة جديدة من التعبئة الدفاعية»، بينما نظمت السلطات مناورات بحرية وجوية قالت إنها «رد استراتيجى على التهديدات الإمبريالية الأمريكية».

التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس انعكس على الساحة الدبلوماسية الإقليمية. ففى ختام قمة مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى «سيلاك» فى كولومبيا، رفض إعلان مشترك وقّعته 58 دولة من أصل 60 دولة حاضرة «استخدام القوة أو التهديد باستخدامها وأى عمل لا يتفق مع القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة»، من دون أن يشير صراحة إلى الولايات المتحدة.

ورغم أن فنزويلا ونيكاراجوا رفضتا التوقيع على الإعلان، فإن كاراكاس كانت تتوقع من الحلفاء اللاتينيين إدانة مباشرة للوجود الأمريكى العسكرى، بحسب تقارير صحفية إسبانية. أما الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذى يتفاوض مع ترامب على اتفاق اقتصادى لتخفيض الرسوم الجمركية على الواردات البرازيلية بنسبة تتجاوز 50%، فقد تجنّب أى انتقاد مباشر لواشنطن مكتفيًا بالقول: «نحن منطقة سلام، لا نريد حربًا هنا، المشكلة فى فنزويلا سياسية ويجب حلها سياسيًا».

وتعيد التطورات الأخيرة إلى الأذهان مشاهد غزو بنما عام 1989 عندما أرسل الجيش الأمريكى قوات ضخمة للإطاحة بنظام مانويل نورييغا تحت ذريعة محاربة المخدرات أيضًا، وهو ما أثار آنذاك انتقادات واسعة من المجتمع الدولى. ويرى مراقبون أن الخطوة الحالية قد تكون مقدمة لعملية مشابهة بنسخة محدّثة من تدخلات الحرب الباردة، لكن فى عهد ترامب الثانى.

ويؤكد خبراء أن تصاعد الوجود العسكرى الأمريكى فى الكاريبى يأتى ضمن سياسة أوسع لإعادة تثبيت النفوذ فى نصف الكرة الغربى بعد سنوات من التراجع، خصوصًا مع تنامى الحضور الصينى والروسى فى أمريكا اللاتينية. وتخشى حكومات المنطقة أن يؤدى هذا التوتر إلى زعزعة الاستقرار وجر المنطقة إلى سباق تسلح جديد.

وبينما تصر واشنطن على أن الهدف من انتشار قواتها هو «مكافحة الجريمة العابرة للحدود»، يعتبر منتقدو ترامب أن هذه العملية تمثل استعراضًا للقوة يهدف إلى صرف الأنظار عن أزمات داخلية متصاعدة فى الولايات المتحدة، خاصة فى ظل الخلافات داخل الكونجرس حول ميزانية الدفاع والإغلاق الحكومى الأخير.