رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

أخطر من الموت.. خطيب المسجد الحرام يكشف عن ما يهدد الإنسان

خطيب المسجد الحرام
خطيب المسجد الحرام

في خطبة اليوم من المسجد الحرام، تناول الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، قضيةً تمس جوهر الإنسان ولبّ دينه، حين قال:"القلب هو محل نظر الرب، فمن لقي الله بقلب سليم فقد أفلح وأنجح، ومن لقيه بقلب مريض فقد خاب وخسر".

كلمات تختصر فلسفة الإيمان كلّها، فالله لا ينظر إلى الصور ولا الأموال، بل إلى القلوب والأعمال. وهنا يفتح الشيخ زاويةً عميقة للحديث عن القلوب المريضة التي تُظهر الإيمان في ظاهرها لكنها فقدت في داخلها حياة الطاعة والخشوع.

 

 القسوة أخطر من الموت


أشار الدكتور المعيقلي إلى أن من أخطر أمراض القلوب هو مرض القسوة، قائلًا:"صاحب القلب القاسي يُعرض عن التوبة والإنابة حتى عند نزول الابتلاء والمصيبة، فيصبح قلبه مرتعًا للشيطان، لا يتأثر بمواعظ القرآن."

ومن هنا يمكن النظر إلى خطبته من زاوية مختلفة؛ فهي ليست مجرد دعوة إلى تزكية النفس، بل تحذير من تبلّد المشاعر الإيمانية في زمن تزداد فيه مظاهر التدين الخارجية، بينما تغيب الرقّة واللين والخشوع في الداخل.

فالقلب القاسي — كما أوضح — لا يتأثر بموت قريب، ولا بآيةٍ تُتلى، ولا بعظةٍ تُلقى، حتى إذا جاءه الموت فوجئ وهو على غفلته، وقد خسر المعركة الحقيقية قبل أن تبدأ.

 

الحياة قصيرة.. لكن الامتحان فيها طويل


لفت خطيب المسجد الحرام إلى أن الحياة مهما طالت قصيرة، وأيامها قليلة مهما كثرت، والعاقل من جعلها محطة للتزوّد لا مسرحًا للأهواء، فقال:"الموفق من عاش فيها على طاعة ربه وتزوّد منها ليوم لقاء خالقه، والخاسر من أتبَع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".

ومن زاوية إنسانية، فإن كلمات المعيقلي تُعيد الإنسان إلى أصل الحقيقة التي يهرب منها الجميع: أن الموت ليس النهاية، بل لحظة الانتقال إلى المحطة الأبدية، حيث لا ينفع إلا ما قدمت اليدان.

 

الموت يساوي بين الجميع


في حديثه عن الآخرة، قال المعيقلي إن المرتحلين عن الدنيا صنفان:"ميت يستريح من تعب هذه الدار ويفضي إلى راحة دار القرار، وميت يستريح منه العباد والبلاد ويفضي إلى سوء المصير."

وأوضح أن القبر هو أول منازل الآخرة، وجعله الله موعظةً وعبرة، ليذكّر الإنسان بنهاية الرحلة، فقال: "من زار المقابر تفكّر في حال من سبقوه، فخاف وأدرك قيمة الطاعة، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة."

 

القبور حرمةٌ لا تُنتهك ودعاءٌ لا يُنسى


وفي زاوية اجتماعية تعبّر عن أدب الإسلام في التعامل مع الموتى، شدد الدكتور المعيقلي على أن للقبور حرمة يجب حفظها، فقال: "لا يجوز وطؤها ولا الجلوس عليها ولا الصلاة إليها أو اتخاذها مساجد."
كما حذّر من تعظيم قبور الصالحين بالبناء أو الطواف أو النذر، مؤكدًا أن العبادة لا تُصرف إلا لله وحده.

وفي المقابل، دعا إلى الإكثار من الدعاء للأموات، لأن القبور – كما قال – "ممتلئة ظلمةً ينيرها الله بدعاء الصالحين من عباده."

 

القلب هو البداية والنهاية


اختتم خطيب المسجد الحرام خطبته بدعوةٍ جامعةٍ تمسّ القلوب قبل العقول، قائلًا: "اتقوا الله، واعلموا أن أمامكم موتًا وقبرًا ونشورًا وجزاءً؛ فمنعمٌ مسرور، ومعذبٌ مثبور".