رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فخريات

المروءة يا صديقى العزيز ليست مجرد خُلُق يُذكر فى الكتب، ولا صفة تُزيَّن بها سِيَر العظماء، بل هى تاج الأخلاق وميزان النفوس الرفيعة؛ بها يسمو الإنسان ويرتقى، فتجعله أكبر من شهواته، وأعلى من نزواته، وأكرم من أن يَرضى لنفسه بالدنايا.

وتأمل قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، تجدها آية جامعة لركائز المروءة: العفو، والأمر بالخير، والإعراض عن الصغائر

وانظر إلى قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، ففيها قمة المروءة: أن تُقابل الإساءة بالإحسان، فتُبدِّل العداوة مودة.

المروءة هى أن تغلبك نفسُك على العطاء لا على الأخذ، وعلى الستر لا على الفضح، وعلى الوفاء لا على الغدر، فهى فلسفة العلو على الصغائر، بمعنى أن تكون حاضرًا مع الناس فى حاجاتهم، غائبًا عنهم فى زلّاتهم، وأن تُقدِّم المعروف ولا تذكره، وتغضى عن الإساءة ولا تُحصيها.

وقد جسّد النبى (صلى الله عليه وسلم) معالم المروءة فى أقواله وأفعاله، فقال: «أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس»، فجعل النفع للآخرين من أرقى صور المروءة.

وقال (صلى الله عليه وسلم): «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب»، فدل على أن كفّ النفس عن الطيش والغضب من أعمدة ودعائم المروءة.

وقال (صلى الله عليه وسلم): «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فبيّن أن سلامة الناس وصونَهم من الأذى من أعظم دلائل المروءة.

إذن، المروءة تتجلّى فى كل أمرٍ أمر الله (عز وجل)  به من كرمٍ وسماحة وعفو، وفى كل خلق دعا إليه النبى (صلى الله عليه وسلم) من صدقٍ ورحمة وبذلٍ وستر.

إن المروءة صديقى العزيز أن تكون إنسانًا فى لحظة يمتحن فيها الناس إنسانيتهم؛ فتتذكر أن الخُلُق أثمن من المال، وأن القيم لا يُتنازل عنها، وأن الكرامة أرفع من المنصب، فالكرامة لا تُشترى، والإنسان لا يُقاس بما يملك، بل بما يَترفّع عنه، فالبذل أجمل من التملّك.

المروءة أن تعيش كبيرًا فى عين نفسك قبل أن تكبر فى أعين الآخرين، وأن تُبقى قلبك عامرًا بالخير، ولسانك صادقًا بالقول، ويدك مبسوطة بالفضل. هى أن تكون مرآةً صافية يلمح فيها من حولك صفاء النية، ونقاء السريرة، وسماحة الخُلق.

المروءة فى عمقها هى التى تجمع بين القوة والرحمة، بين الشجاعة والعدل، بين البذل والعفة. وهى فى جوهرها عبادة، لأن الله سبحانه يحب أن يرى عبده كريمًا متعاليًا عن سفاسف الأمور، محققًا لقوله (صلى الله عليه وسلم) : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

فاللهم اجعل المروءة زادنا فى الدنيا، وسببًا لرضوانك فى الآخرة، وقرّبنا بها إليك قرب المحبين الصادقين، واجعلنا بها من أهل مكارم الأخلاق الذين مدحتهم فى كتابك ورضيت عنهم فى لقائك.

 

رئيس الإدارة المركزية لشئون القرآن بالاوقاف