خارج المقصورة
وضعت شركة «فوتسى راسل» – المزود العالمى الرائد للمؤشرات – بورصة مصر على قائمة المراقبة تمهيدًا لاحتمال إعادة تصنيفها من سوق ناشئة ثانوية إلى سوق حدودية، فى خطوة تحمل بين طياتها رسالة قوية للحكومة والقطاع الخاص بضرورة تسريع خطوات برنامج الطروحات قبل فوات الأوان.
التحرك من «فوتسى» التى تعد جزءًا من مجموعة بورصة لندن ليس مجرد إجراء فنى، بل جرس إنذار مدوٍ؛ إذ إن تجاهل دلالاته من جانب السوق المصرى قد يتحول إلى كارثة بكل المقاييس.. فى الفترة الماضية، بدأت مؤسسات مالية عالمية تُخفف أوزانها الاستثمارية فى كبرى الشركات المصرية، مثل البنك التجارى الدولى ومجموعة طلعت مصطفى، فى ظل أن السوق المصرى لم يعد يستوفى الحد الأدنى لعدد الأوراق القابلة للتداول المطلوبة للحفاظ على تصنيفه كسوق ناشئ، بمعنى آخر، نقص السيولة وقلة الأسهم المطروحة للتداول الحر باتا الخطر الحقيقى الذى يهدد مكانة البورصة المصرية عالميًا.
توجه «فوتسى» ليس تحذيرًا عابرًا، بل صفعة تنبيه قاسية، تتطلب من الجميع – حكومة وبورصة وشركات – تحركًا عاجلًا ومدروسًا، عبر طرح شركات ذات وزن استثمارى ثقيل، وبأحجام اكتتابات معتبرة مقومة بالدولار، لأن تقييم الأسواق فى مثل هذه المؤشرات يتم وفقًا لقوة الطروحات بالعملة الصعبة، لا المحلية.
إدارة البورصة الجديدة تبذل جهدًا ملموسًا منذ توليها المسؤولية، عبر التفاوض مع كيانات كبرى للقيد من أجل تعزيز الوزن النسبى للسوق المصرى على خريطة المؤشرات العالمية، خاصة مع انخفاض السيولة المتاحة للأسهم القابلة لتداول المستثمرين الأجانب.. لكن ورغم الجهد المشكور من إدارة البورصة، يبقى الدور الأكبر على عاتق الحكومة المصرية، التى ينبغى أن تتحرك بأقصى سرعة، لأن مثل هذه الخطوات من مؤسسات التصنيف الدولية تترك أثرًا مباشرًا وسريعًا على ثقة المستثمرين الأجانب واتجاهاتهم داخل السوق.
مؤلم أن يأتى هذا التحذير فى الوقت الذى ينتظر فيه مجتمع المال والأعمال ارتقاء البورصة المصرية إلى مصاف الأسواق الناشئة المتقدمة، تلك المرحلة التى تسبق دخول نادى الأسواق المتطورة ذات الاقتصادات القوية، والبنى المالية المتينة، والشفافية التنظيمية العالية.. وهى المكانة التى يستحقها السوق المصرى بجدارة إن توافرت الإرادة وسرعت الخطوات.
< يا سادة.. ترقية البورصة المصرية فى مؤشرات الأسواق العالمية ليست حلمًا بعيد المنال، بل هدف فى متناول اليد، يحتاج فقط إلى رؤية، وجرأة، وسرعة فى التنفيذ.. فالعالم لا ينتظر المترددين.