رئيس زامبيا: خفض المساعدات الأمريكية خطوة صادمة لكن حملت فرصًا جديدة لإفريقيا

أكد رئيس زامبيا هاكيندي هيشيليما، في لقاء أجراه مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن خفض المساعدات الدولية كان "متأخرًا للغاية"، وأن قرار إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" وتقليص دعم المانحين الآخرين مثّل خطوة صادمة لكنه قدم فرصة لبلاده لتتولى إدارة شئونها بنفسها وربما حمل فرص جديدة للقارة السمراء.
وقال هيشيليما- في حديثه الذي أجرته معه الصحيفة ونشرته في عدد، اليوم /الأربعاء/، على هامش زيارته إلى لندن- إن زامبيا التي كانت تعتمد على الولايات المتحدة لتغطية نحو ثلث ميزانيتها الصحية، يذهب معظمها لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسب "الإيدز" والرعاية الصحية الأساسية والأمومة، عليها الآن أن تتعلم الوقوف على قدميها.
وأضاف الرئيس الزامبي: "هذا الوضع يجبرنا على تنمية اقتصاداتنا والقيام بما كان ينبغي أن نفعله منذ البداية"، مؤكدًا أن شعاره في المرحلة المقبلة هو "اسعَ إلى النمو" باعتباره السبيل الوحيد لزيادة قدرة الحكومة على الإنفاق في البرامج الاجتماعية.
وأشار هيشيليما إلى أن قرار خفض المساعدات كان مؤلمًا في الوقت الراهن، موضحًا أن الطبيعة المفاجئة والفورية للقرار، الذي ألغى تمويلًا كان قد أُقرّ بالفعل من الكونجرس الأمريكي، لم تترك للحكومة الزامبية وقتًا كافيًا للتأقلم. وقال:" نعم، هناك صدمة. ولكن على المدى الطويل، هذا أمر جيد".
وفي تقرير لها، أشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن حكومة زامبيا رفعت، في ميزانية عام 2026، الإنفاق على الرعاية الصحية بنسبة 13% ليصل إلى 26.2 مليار كواتشا "أي نحو 1.1 مليار دولار أمريكي"، إلا أن هذه النسبة التي تمثل 11% من إجمالي الإنفاق العام لا تزال أقل من الالتزام الدولي برفع الإنفاق الصحي إلى 15%. كما تعهدت الحكومة بمكافحة سرقة الأدوية المتبرع بها وزادت مخصصات شراء الأدوية بنسبة 30% في محاولة لضمان استمرار الخدمات الطبية الأساسية.
وأبرزت الصحيفة، أن تصريحات هيشيليما جاءت منسجمة مع مواقف عدد من القادة الأفارقة الذين أبدوا تفهّمًا أكبر لخفض المساعدات الدولية، مقارنة بالمنظمات غير الحكومية وحملات الصحة العامة التي أعربت عن مخاوفها من عودة انتشار أمراض مثل الإيدز والسل والملاريا.
وأشارت إحدى الدراسات إلى أن خفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد يؤدي إلى وفاة إضافية تُقدَّر بـ 14 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2030.
ورغم أن القرار الأمريكي شكّل "صدمة فورية" لزامبيا، إلا أن القيادة في لوساكا- حسبما أبرزت الصحيفة البريطانية- رأت في ذلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز الاكتفاء الذاتي وترسيخ مفهوم الاعتماد على الذات بدلاً من المعونات الخارجية.
وقال هيشيليما للصحيفة، إن موقفه لا يعني غياب دور التضامن الدولي، لا سيما في قضايا مثل الصحة العامة والأمن العالمي، وأضاف: "لا يمكن للدول أن تنفصل عن بعضها البعض.. إنه يتعين على الدول الكبرى أيضًا واجب الحفاظ على انفتاح نظام التجارة الدولية حتى تتمكن الدول الأصغر مثل زامبيا من التصدير بحرية".. مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة رفعت هذا العام الرسوم الجمركية على السلع الواردة من زامبيا إلى 15%، مع أنها أعفت العديد من المعادن، بما في ذلك النحاس، وهو من الصادرات الرئيسية لزامبيا، في حين ردت الصين بعرض إعفاء تام من الرسوم الجمركية على جميع السلع المستوردة من أفريقيا.
وأردف الرئيس الزامبي، داعيًا الولايات المتحدة والصين إلى إنهاء حربهما التجارية، وقال: "نحن أصغر من أن نعلق في خضم الخلافات بين الدول الكبرى. عندما نكون في بكين، لا نكون ضد واشنطن.
وعندما نكون في واشنطن، لا نكون ضد بكين".
وأكد هيشيليما، الذي عانت سنواته الأربع في منصبه من بطء مفاوضات إعادة هيكلة الديون بشكل مؤلم، أن زامبيا- التي تخلفت عن سداد ديونها في عام 2020- قد سددت 94% من متأخراتها، فيما وصفه بأنه "إنجاز كبير".
وأضاف أن النزاع مع البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك"، الذي تدين له زامبيا بحوالي 50 مليون دولار، سيُحسم بموجب قواعد إطار عمل مجموعة العشرين.. مشيرًا إلى أن اقتصاد بلده يتعافى مع انحسار أزمة الديون، مستشهدًا بتوقعات صندوق النقد الدولي بأن تنمو زامبيا بنسبة 6% تقريبًا هذا العام، ارتفاعًا من 4% العام الماضي عندما قوبل انتعاش عائدات التعدين بالجفاف، الذي أثر على إنتاج الطاقة الكهرومائية وأجبر زامبيا، وهي دولة مصدرة للغذاء عادةً، على استيراد المواد الغذائية الأساسية.
وقال هيشيليما إن حكومته ساعدت في إنعاش قطاع التعدين من خلال عكس ما وصفه بالسياسات غير المنتظمة للحكومة السابقة. ففي عام 2023، فكّ هيشيليما عملية مصادرة مناجم كونكولا للنحاس من شركة "فيدانتا" الهندية، واشترط استثمار "فيدانتا" مليار دولار، على حد قوله. وأضاف أن قطاع التعدين تلقى مليارات الدولارات من الأموال الجديدة، مسلطًا الضوء على استثمار شركة الموارد الدولية القابضة الإماراتية 1.1 مليار دولار في منجم "موباني" للنحاس منذ عام 2023، وتوسعة شركة "باريك" لمنجم "لوموانا" للنحاس بقيمة ملياري دولار.